والاستيقاد : طلب الوقود ، وهو : سطوع النّار ، وهي من «نأر» أي : نفر ، لأنّ فيها حركة. (فَلَمَّا أَضاءَتْ) النّار (ما حَوْلَهُ) حول المستوقد ـ إن تعدّى ـ ، وإلّا : فالفاعل «ما» ، والتأنيث لأنها أشياء وأمكنة ، أو ضمير النار. و «ما» موصلة بمعنى الأمكنة ، نصبت ظرفا ، أو زائدة. و «حوله» ظرف.
والاضاءة : فرط الإنارة. وتأليف الحول (١) للدّوران ، وقيل : للعام لدورانه. (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) جواب «لمّا» والضمير للّذي جمع ـ نظرا إلى المعنى ـ ، ولم يقل : بنارهم ، لأنّ المراد من إيقادها : النّور. أو استئناف ، جواب من يقول : ما بالهم شبّهت حالهم بحال مستوقد قد طفئت ناره؟ والضّمير للمنافقين ، وجواب «لمّا» محذوف ، تقديره : خمدت.
وإسناد الإذهاب إليه تعالى لأنّه المسبّب للإطفاء بسبب خفيّ أو ريح أو مطر.
وعدّي «ذهب» بالباء ، لإفادتها الاستصحاب ، بخلاف الهمزة ، أي : أخذ الله نورهم وأمسكه ، وما امسكه الله فلا مرسل له.
وعدل عن الضوء الموافق ل «أضاءت» الى النّور للمبالغة ، إذ لو قيل : ذهب بضوئهم لأوهم الذّهاب بالزيادة وبقاء ما يسمّى نورا ، والغرض طمس النّور عنهم رأسا (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) الظّلمة : عدم النّور ، وتنكيرها للتعظيم ، وجمعها للمبالغة بشدّتها ، كأنّها ظلمات متراكمة ولذا وصفها بأنّها لا يرى فيها شبح ، أو المراد : ظلمة النّفاق ، وظلمة سخط الله ، وظلمة العقاب السّرمد.
وترك بمعنى : خلّى. يتعدّى لواحد ، ثم ضمن معنى : صيّر ، فتعدّى إلى مفعولين ، ومفعول «لا يبصرون» متروك ، كأنّ الفعل لازم.
والآية مثل لانتفاعهم بكلمة الإسلام مدة حياتهم القليلة. وانقطاعه بالموت
__________________
(١) أي وضع كلمة «الحول» بهذا التأليف انما هو للدوران او للعام أي السنة. ـ ينظر تفسير كنز الدقائق ١ : ١٤٦ ـ.