على شيء. ومنه استعير : (اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) (١) أي قصد إليها بإرادته بعد خلق ما في الأرض ، أو : استولى. والأول أنسب بالأصل والصّلة ، والمعطوف بالفاء.
و «السّماء» : جهات العلوّ ، أو اسم جنس أو جمع سماة كنواة. و «ثمّ» كأنّه لتفاوت ما بين الخلقين وفضل خلق السّماء ، لا للتّراخي الزّماني ، فلا تنافي : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٢) المفيدة لتأخّر دحوها ، المتقدّم على خلق ما فيها عن السّماء. (فَسَوَّاهُنَ) عدّلهن بلا عوج ولا فطور. والضّمير للسّماء ـ إن فسّرت بالجنس أو الجمع ـ ، وإلّا فمبهم يفسّره ما تلاه ، ك «ربّه رجلا» (سَبْعَ سَماواتٍ) بدل ، أو مفسّر. وثبوت التّسع ممنوع ؛ لكفاية السّبع في النّظام ـ كما صرّح به ـ.
ولو سلّم فبضمّ العرش والكرسي إليها ، مع عدم نفي الآية للزائد (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) إذ خلق المذكورات متقنة محكمة على هذا الوجه الأكمل الأنفع لا يكون إلّا من عليم بكنه الأشياء.
ودلّت الآيتان على ثبوت الحشر ، لابتنائه على قبول موادّ الأبدان للجمع والحياة ، وقد دلّ عليه : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) إذ قبولها بذاتها لتعاقب الإفتراق والاجتماع والموت والحياة لا يتغيّر ، وعلى علمه بمواقعها وقدرته على جمعها وإحيائها ، وقد دلّ عليهما إبداؤهم وإبداء ما هو أعظم خلقا ، وما ينتفعون به على نمط محكم متقن. وسكّن «نافع» و «أبو عمرو» و «الكسائي» هاء «وهو» و «فهو». (٣)
[٣٠] ـ (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ) لمّا ذكر تعالى إنعامه على النّاس بخلقهم أحياء أو خلق ما ينتفعون به في الدّارين ، ذكر نعمته عليهم بخلق أبيهم «آدم» وإكرامه وتفضيله على الملائكة. و «إذ» ظرف وضع لزمان نسبة ماضيه تقع فيه أخرى. نصب محلّا بإضمار
__________________
(١) سورة فصّلت : ٤١ / ١١.
(٢) سورة النازعات : ٧٩ / ٣٠.
(٣) حجة القراءات : ٩٣.