«اذكر» أي اذكر الحادث إذ قال. فحذف الحادث وأقيم الظّرف مقامه ، أو ب «قالوا» (لِلْمَلائِكَةِ) جمع. ملأك ، كالشمائل لشمأل. والتأنيث للجمع. (١)
وأكثر المسلمين على انهم أجسام لطيفة قادرة على التّشكّل بأشكال مختلفة ، وبعضهم وافق الحكماء في أنّهم مجرّدون مخالفون للنّفوس النّاطقة في الحقيقة وبعض النصارى على أنهم النّفوس الفاضلة البشريّة المفارقة للأبدان (٢) والمقول لهم : الكلّ ـ لعموم اللفظ وقيل : ملائكة الأرض (٣) ، وقيل ملائكة بعثوا مع إبليس لمحاربة الجنّ حيث أسكنوا الأرض فأفسدوا فأجلوهم وسكنوها بعدهم (٤) (إِنِّي جاعِلٌ) من «جعل» الناصب لمفعولين وهما : (فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) والخليفة : من يخلف غيره ، والمراد به : «آدم» عليهالسلام لأنه خليفة الله في أرضه وعمارتها والحكم بالحقّ ، أو : هو وذريّته ، لأنّهم خلفوا الملائكة لأنّهم كانوا سكّان الأرض.
وأفرد استغناء بذكره عن ذكر بنيه ، كما يستغنى بأبي القبيلة ـ ك «مضر» ـ أو بتأويل من يخلفكم ، أخبرهم بذلك إظهارا لفضل المجعول الرّاجح على ما فيه من المفسدة بسؤالهم وجوابه ، ولتعليم المشاورة (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) تعجّب من استخلافه لعمارة الأرض من يفسد فيها ، أو مكان أهل الطاعة أهل المعصية ، واستعلام عن الحكمة الّتي ألغت تلك المفاسد ، لا اعتراض ولا طعن في بني آدم ، لأنّهم (عِبادٌ مُكْرَمُونَ). (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ
__________________
(١) في مجمع البحرين «ملك» : في بعض الكتاب : واحد «الملائكة» : «ملك» ـ بفتح اللام ـ وفي بعضها «ملئك» وكلاهما صحيحان لان ملك أصله مالك فقدم اللام وأخرت الهمزة ووزنه مفعل من الألوكة ، وهي : الرسالة ، ثم تركت الهمزة لكثرة الاستعمال ، فقيل ملك ، فلما جمعوه ردوه الى أصله فقالوا : ملائك ، فزيدت التاء للمبالغة او لتأنيث الجمع.
(٢) نقله العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان ١٧ / ١٣ ولم يرتضه.
(٣) بحار الأنوار ٥٦ : ٢٠٥.
(٤) تفسير التبيان ١ / ١٣٣ وتفسير مجمع البيان ١ : ٧٤.