لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) إلّا الراحم وهو الله ، أو لكن من رحمهالله بإيمانه فهو المعصوم (وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ) فصار (مِنَ الْمُغْرَقِينَ).
قيل : علا الماء قلال الجبال ثلاثين ذراعا.
[٤٤] ـ (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) اشربيه فشربته (وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) أمسكي عن المطر ، فأمسكت. نوديا وأمرا كالعقلاء تمثيلا لانقيادهما لأمره تعالى بامتثال المطيع السريع إلى الإجابة (وَغِيضَ الْماءُ) نقص ، ببلع الأرض ما نبع منها وصار ماء السماء بحارا وأنهارا (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) وقع هلاك من هلك ونجاة من نجا (وَاسْتَوَتْ) واستقرت السفينة (عَلَى الْجُودِيِ) جبل بالموصل أو ب «آمد» (١). قيل سارت بهم ستة أشهر (٢) (وَقِيلَ بُعْداً) هلاكا (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
والآية حوت البلاغة بحسن نظمها وجزالة لفظها وبيان الحال بايجاز بلا إخلال.
وبنيت الأفعال للمفعول لتعظيم الفاعل وتعينه إذ لا يقدر على هذه الأمور سوى الله تعالى.
[٤٥] ـ (وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) وقد وعدتني أن تنجّيهم (وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ) الذي لا خلف فيه ، فنجّه أو فما حاله (وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) أعدلهم.
[٤٦] ـ (قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) الذين وعدتك نجاتهم ، أو أهل دينك (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) أي ذو عمل ، أو جعل نفس العمل مبالغة. وقرأ الكسائي «عمل» (٣) أي عمل عملا غير صالح (فَلا تَسْئَلْنِ) وشدد النون مكسورة «نافع»
__________________
(١) تفسير البيضاوي ٣ : ٢٧ : قيل بالشام وقيل بآمل. وفي معجم البلدان «آمد» ... وهي أعظم مدن ديار بكر واجلّها قدرا واشهرها ذكرا.
(٢) تفسير منهج الصادقين ٤ : ٤٢٦.
(٣) حجة القراآت : ٣٤١ وتفسير مجمع البيان ٣ : ١٦٥.