الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ)(١)؟ قيل : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) تنبيه على ما ينطوى عليه الإنسان من كفران النعمة ، وقلّة ما يقوم بأداء الشكر ، وعلى هذا قوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ)(٢) ، (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ)(٣). وقوله : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(٤) تنبيه أنّه عرّفه الطّريقين ؛ كما قال : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ)(٥) فمن سالك سبيل الشكر ، ومن سالك سبيل الكفر.
والكفّار أبلغ من الكفور ، كقوله : (كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ)(٦). وقد أجرى الكفّار مجرى الكفور فى قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(٧). والكفّار فى جمع الكافر المضادّ للمؤمن أكثر استعمالا ، كقوله : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ)(٨). والكفرة فى جمع كافر النعمة أكثر استعمالا ؛ كقوله : (أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ)(٩) ، [ألا ترى أنه وصف الكفرة بالفجرة (١٠)] ، والفجرة قد يقال للفسّاق من المسلمين. وقوله : (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ)(١١) أى الأنبياء ومن يجرى مجراهم ممّن بذلوا النصح فى دين الله فلم يقبل منهم.
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا)(١٢) ، قيل عنى بقوله آمنوا أنهم آمنوا بموسى عليهالسلام ، (ثُمَّ كَفَرُوا) بمن بعده. وقيل : آمنوا ثم كفروا بموسى إذ لم يؤمنوا بغيره. وقيل : هو ما قال :
__________________
(١) الآية ٧ سورة الحجرات. وهو يريد أنه فى هذه الآية جاء الكفر من غير تأكيد ، وفى الآية السابقة فى كفران النعمة جاء التأكيد
(٢) الآية ١٧ سورة عبس
(٣) الآية ١٣ سورة سبأ
(٤) الآية ٣ سورة الانسان
(٥) الآية ١٠ سورة البلد
(٦) الآية ٢٤ سورة ق
(٧) الآية ٣٤ سورة إبراهيم
(٨) الآية ٢٩ سورة الفتح
(٩) الآية ٤٢ سورة عبس
(١٠) زيادة من الراغب
(١١) الآية ١٤ سورة القمر
(١٢) الآية ١٣٧ سورة النساء