في إطلاق الأحكام بمجرّد ورود التهمة على شخص ، بأنه لا يصلي ، هذا ولا يخفى عليك بأن ابن اورمة اتهم بالغلوّ لِما نسب إليه من أوراق في تفسير الباطن والتي لا تليق بحديثه وحسب تعبير ابن الغضائري : ( وأظنّها موضوعة عليه ) ! !
* ومثل هذا تراه في سهل بن زياد الآدمي ، فقد أخرجه أحمد بن محمّد بن عيسى من قمّ ، وأظهر البراءة منه ، ونهى عن السماع منه والرواية عنه ؛ لأنّه يروي المراسيل ويعتمد المجاهيل (١) .
وقال النجاشي والشيخ في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى : واستثنى ابن الوليد من روايات محمّد بن أحمد بن يحيى في جملة ما استثناه عن سهل بن زياد الآدمي ، وتبعه على ذلك الصدوق وابن نوح ، فلم يعتمدوا على رواية محمّد بن أحمد بن يحيى عن سهل بن زياد (٢) .
وهذا التجريح آت إمّا من غلوّه أو من روايته المراسيل واعتماده المجاهيل .
فأمّا نسبة الغلوّ فلا تخرج من احتمالين ، أحدهما روايته أخباراً غالية في الأئمّة ، وهذا ما لم نقف عليه في المعاجم الحديثيّة التي بين أيدينا اليوم ، أو لروايته أخباراً تدعو إلى إنكار الفرائض ، وكلاهما منقوض بالسيرة العلمية والعملية القطعية لسهل ابن زياد ، لأن سهلاً كان يعلّم الأحكام الشرعية للمؤمنين فضلاً عن العمل بها .
وإذا راجعت الكافي والتهذيب تجد لسهل من أوّل كتاب الطهارة إلى كتاب الديات في أكثر الأبواب خبراً أو أزيد فيما يتعلّق بأحكام الدين ، أكثرها سديدة مقبولة ، وأخذها المشايخ عنه وضبطوها في الجوامع مثل الكافي الذي ذكر في أوله ما ذكر [ أنّ الآثار التي فيه صحيحة عن الصادقين ] (٣) ، ومع ذلك كله كيف يجوز نسبة الغلو إليه (٤) .
__________________
(١) انظر ذلك في رجال العلّامة : ٢٢٩ .
(٢) فهرست مصنفات اصحابنا المعروف برجال النجاشي : ٣٤٨ / الترجمة ٩٣٩ .
(٣) مقدمة الكافي ١ : ٧ .
(٤) خاتمة مستدرك الوسائل ٥ : ٢٤٥ .