قال سعد التفتازاني المتوفّى ٧٩٣ هـ ، في شرح المقاصد في علم الكلام وفي حاشيته على شرح العضد ، وكذا القوشجي المتوفّى ٨٧٩ هـ في شرح التجريد في مبحث الإمامة ، وغيرهما : إنّ عمر بن الخطاب خطب الناس وقال : أيّها الناس ، ثلاثٌ كُنَّ على عهد رسول الله أنا أنهى عنهنّ وأحرّمهنّ وأعاقب عليهنّ ، وهي : متعة النساء ، ومتعة الحجّ ، وحيّ على خير العمل (١) .
وقال المجلسيّ الأوّل في روضة المتّقين : أنّه روى العامّة أنّ عمر كان يباحث = [ يجادل ] مع رسول الله في ترك حيّ على خير العمل ، ويجيبه [ الرسول ] بأنّها من وحي الله ، وليست منّي وبيدي ، حتى قال عمر : [ أيام خلافته ] : ثلاث كنّ في عهد رسول الله وأنا أحرّمهن وأعاقب عليهنّ : متعة النساء ، ومتعة الحج ، وقول حي على خير العمل ، رواه العامة في صحاحهم (٢) .
فهنا سؤال يرد على
الأذهان ، وهو : ما وجه الترابط بين المنع عن المتعتين وبين رفع حي على خير العمل من الأذان ؟ وعلى أيّ شيء يدل ؟ ولماذا نرى الذي يقول
__________________
اسْتَوَىٰ ) ، ولا يتدبّرون في معناها وأنّها القوة والبأس والإحاطة . ولو أرادوا أخذ الأمور على ظواهرها فعليهم أن يقولوا بضلالة الأعمى في الآخرة لقوله تعالى : ( وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ) في حين لا يقول أحد من الأمّة بذلك ، ولأجل ذلك تهجّم كثير من العلماء على الظاهرية والباطنية في وقت واحد ، والإمام كان لا يريد إلّا بيان المعنيين ـ الخفيّ والظاهر منه ـ كي لا يلتبس الأمر على الآخرين ، ولكي يقف المؤمن على السبب الخفيّ في محو تشريع الحيعلة الثالثة وما دعا عمر لأن يحذفها ، لان السائل سأل عن سبب الترك ، والإمامُ وضّحها لأنّ عمر حذفها كي لا يقف المسلمون على تفسيرها معها ، فحذفها خوفاً من مستلزماتها .
(١) شرح المقاصد في علم الكلام ٢ : ٢٩٤ ، شرح التجريد : ٣٧٤ ، كنز العرفان ٢ : ١٥٨ . وانظر الغدير ٦ : ٢١٣ ، والصراط المستقيم ٣ : ٢٧٧ ، والمسترشد : ٥١٦ .
(٢) انظر روضة المتقين ٢ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ .