نعم قد يمكن أن يأتي بالكناية أولاً ثم يصرّح بالمقصود ، كل هذا يرشدنا إلى أنّ المعنيَّ في جملة « حي على خير العمل » شيءٌ غير الصلاة ، وهو الّذي وضّحه آل بيت الرسالة .
وعليه ، فالمعنيُّ بالحيعلة الثالثة ـ وحسب كلام الإمام الكاظم ـ هو الولاية ، لأنّ الأذان ـ وكما وضّحنا سابقاً (١) ـ هو بيان لأُصول العقيدة من التوحيد ، والنبوة ، والإمامة حسب نظر الإمامية ، لا أنّه مختصّ ببيان وقت الصلاة كما يفهمه الآخرون .
لكن هنا سؤال يطرح نفسه ، وهو : كيف تكون الحيعلة الثالثة حثاً على الولاية ودعوة إليها ، في حين نعلم أنّ جملة « حيَّ على خير العمل » ليس لها ظهور في الولاية ، بل ظاهرها يشمل كلّ عمل صالح من صلاة وغيرها .
الجواب :
إنّا لو ألقينا نظرة سريعة إلى أسباب النزول لاتّضح لنا جواب هذا السؤال وغيره ، إذ من المعلوم أنّ الصحابة كانت لهم مصاحف وقراءات مختلفة ، والبعض منهم كان يدرج شأن النزول مع الآية ، والآخر يذكر تفسيرها ـ من المعصوم ـ معها ، وثالث يأتي بها بصورة ثالثة ، فمثلاً جاء عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : سمعت رسول الله قرأ ( فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ) ، فقال : بعلي بن أبي طالب (٢) .
وعن شقيق ، قال : قرأتُ في مصحف عبد الله بن مسعود ( إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ
__________________
(١) انظر الكتاب الأوّل من هذه الدراسة ( حيّ على خير العمل الشرعية والشعاريّة ) صفحة ١٤٩ .
(٢) المحرر الوجيز ٥ : ٥٦ . وانظر تفسير النيسابوري ٦ : ٩٣ ، من سورة الزخرف : الآية : ٤١ .