لقد مشت هذه السيرة ـ السيرةُ الأذانية ـ عند الشيعة ، حتّى عهد المتوكّل العباسي الذي أراد الإزدراء بالإمام الهادي ، لكنّه ازدرى بنفسه وبأسياده القرشيين والأمويين حينما ذكّره الإمام عليهالسلام مفتخراً على الجميع بأنّ الجوامع والمساجد تأتي باسم جده أحمد وأبنائه المطهَّرين ، وهو فضلٌ اختصّهم الله به ، يشهد بذلك كلّ مسلم في أذانه ، وإن كانوا أهل البيت سكوتاً مطاردين من قبل الحكّام .
فقد جاء في أمالي الطوسي : أنّ الإمام علياً الهادي عليهالسلام دخل يوماً على المتوكّل ، فقال له المتوكل : يا أبا الحسن مَن أشعر الناس ؟ وكان قد سأل قبله عليّ بن الجهم ، فذكر شعراء الجاهلية وشعراء الإسلام ، فلمّا سأل الإمامَ أجابه عليهالسلام : الحماني ؛ حيث يقول :
لقـد فاخَـرَتْنا من قريش عـصابةٌ |
|
بـمطّ خُـدود وامـتدادِ أصـابعِ |
فلمّـا تَنازَعنا القضـاءَ قضـى لنـا |
|
عليهم بما نهـوى نداءُ الصَّوامعِ |
قال المتوكّل : وما نداء الصوامع يا أبا الحسن ؟ [ كي يقف على مقصود الشاعر من نداء الصوامع ، هل هي الجمل التفسيرية في عليّ أم شي آخر ، إذ لا يعقل أن لا يعرف المتوكّل معنى الصوامع حتى يسأل الإمام عنها ] ؟
قال : « أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله » جدّي أم جدّك ؟ فضحك المتوكّل ثمّ قال : هو جدّك لا ندفعك عنه (١) . وقد أفصح الحمّاني عن ذلك بتتمة البيتين فقال :
تَرانا سُكوتاً والشهيدُ بفضلِنا |
|
تَراهُ جَهيرَ الصوتِ في كلِّ جامعِ |
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٢٨٧ / ح ٥٥٧ .