النّصوص الدالّة على الشّهادة الثّالثة
عَرِفنا ممّا سـبق أنّ الظـروف لم تكن مؤاتية للشيعة للاجهار بالشهادة بالولاية إلّا بمعناها الكنائي الكامن في صيغة « حيّ على خير العمل » ، فهم كانوا يقولونها في عهد الرسول ، وفي عهد الشيخين ، وفي العهد الأموي ، وفي العهد العباسي الأوّل ، خفيّةً بعيداً عن أنظار الحكّام ، لا على نحو الجزئية ، لأنّها لو كانت جزءاً عندهم لما جاز لهم تركها ، ولما اختلفوا في صيغها ، وقد رأيت أنّهم يذكرونها إمّا على أنّها جملة تفسيرية ، وإمّا لمحبوبيتها المطلقة المستفادة من عمومات اقتران الرسالة والولاية بالذكر ، كما هو مفاد كثير من النصوص النبوية والولوية .
وقد حكي عن مجموعة من المفوِّضة ، أو المتَّهمة بالتفويض ـ والتي قد ظهرت في أيّام الغيبة ـ أنّها تدّعي لزوم الإتيان بها على نحو الشطرية والجزئية وكونها من فصول الأذان وداخلة في ماهيته ، ورووا في ذلك أخباراً ، وهذا هو الذي ألزم بعض الفقهاء والمحدّثين كالشيخ الصدوق رحمهالله للوقوف أمامهم ، لأنّه ليس بين ثنايا الأخبار الواصلة إلينا ما يدعو إلى وجوب ذكر الشهادة بالولاية في الأذان على نحو الجزئية ، وبذلك فنحن لا نُخْرِجُ كلام شيخنا الصدوق رحمهالله من أحد ثلاث احتمالات :