مع ذلك قال بجواز الإتيان بها حين جزم قائلاً : « لم يأثم به » ، وليس لهذا معنى إلّا أنّه أفتى بمضمونها . وهذا معناه أنّ أخبار الشهادة الثالثة لا تنهض لإثبات جزئيّة الشهادة الثالثة في الأذان لشذوذها ، ولأنّ روايات الأذان المشهورة المعوّل عليها عند فقهاء المذهب لم تذكر ذلك ، لكن مع ذلك يمكن الجمع والفتوى بالجواز ، وعلى هذا الأساس يمكن للفقيه الفتوى بالجواز بالنظر لذلك ، وهذا بغضّ النظر طبعاً عن الأدلّة الأخرى التي تؤدِّي إلى الاستحباب .
الأمر الثاني : من خلال المقارنة بين عبارتي الشيخ في « المبسوط » و « النهاية » نحتمل بأنه رحمهالله كان يفتي بجواز العمل بمضمون الروايات المتضمنة للشهادة الثالثة ، لأنّ قوله في المبسوط بعدم إثم من يقول بـ « أشهد أن علياً أمير المؤمنين » ، و « آل محمّد خير البرية » ، هو معنى آخر لما قاله عن اختلاف الروايات في فصول الأذان ، وأنّ العامل على إحدى هذه الروايات لم يكن مأثـوماً ، أمّا لو أراد القائل أن يقول بالجزئية فيها استناداً لبعض هذه الروايات فسيكون مأثوماً ومخطئاً ، لشذوذها وقد مر عليك ما احتمله البعض بأنّه ليس بمأثوم وإن كان مخطئاً ، لأنّه بذل وسعه للحصول على الحكم وإن كان مخطئاً فيما توصل إليه ، وبهذا لا يكون تلازم بين الاثم والخطا ، فتأمل .
توضيح ذلك : أنّ الشـيخ يجيز الإتيان بها لا على نحو الجزئية ، لأنّه لم يعتبر الشهادة بالولاية من فصول الأذان لقوله بأنّه ليس : « فضيلة الأذان ولا من كمال فصوله » ، وهو معنى آخر لما قاله في النّهاية من أنّ العامل بها كان مخطئاً ، وبذلك يكون نهيه من الاتيان بها إنّما هو الإتيان بها على نحو الجزئية ، لكونها ليست من أصل الأذان وأنّ العامل بها على نحو الجزئية يكون مخطئاً .
أمّا لو أتى بها
لمحبوبيّتـها أو بقصد القربة المطلقة ، فالشيخ لا يمانع من الفتوى بالجواز ، كما جزم في قوله : « ولو فعله لم يأثم به » ، وكلام الشيخ هنا يجري مجرى