« تمهيد »
الغلو في اللّغة : هو تجاوز الحدّ والخروج عن القصد (١) ، ومنه : غلا السعر يغلو غلاءً ، وغلا الرَّجُلُ غُلُوّاً ، وغلا بالجارية لحمُها وعظمُها : إذا أسرعت الشباب وتجاوزت لِداتها .
وفي المصطلح : هو الإفراط غير المرضيّ بالعقيدة ، وهو كأنْ يقول شَخْصٌ بأُلوهيّة النبي (٢) ، أو الإمام (٣) ، أو مشاركته في العبودية أو الخلق والرزق ، وأنّ الله تعالى قد حلّ فيهم أو اتّحد بهم ، أو أنّهم يعلمون الغيب بغير وحي ، أو إلهام ، أو فضل من الله ، أو القول في الأئمّة أنّهم كانوا أنبياء ، أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، أو القول بأنّ معرفتهم تغني عن جميع الطاعات والعبادات ، ولا تكليف معها بترك المعاصي .
والاعتقاد بكلّ منها إلحادٌ وكفرٌ وخروج عن الدين ، كما دلّت عليه الأدلة العقلية ، والآيات ، والأخبار .
والتفويض : هو أن يكون العبد مستقلّا في الفعل بحيث لا يقدر الربّ على صرفه ، وأنّ الله بعد أن خلق الأئمّة فوّض إليهم خلق العباد ورزقهم ، وهذا هو الآخر كفر والحاد تَبَرَّأ الأئمّة منه .
قال الشيخ المفيد في تصحيح الاعتقاد : والمفوِّضة صنف من الغلاة ، وقولهم
__________________
(١) مفردات الراغب : ٣٧٧ ، لسان العرب ٦ : ٣٢٩ .
(٢) قال ابن تيمية في الجواب الصحيح ٣ : ٣٨٤ ، ظن طائفة من غلاة المنتسبين إلى الإسلام وغيرهم ، أنّ الاشياء خلقت منه [ أي من النبي صلىاللهعليهوآله ] حتى قد يقولون في محمّد صلىاللهعليهوآله من جنس قول النصارى في المسيح .
(٣) قال المفيد في تصحيح الاعتقاد : ٢٣٨ الغلاة من المتظاهرين بالإسلام ، نسبوا إلى أمير المؤمنين والأئمة من ذريته الألوهية والنبوة ، ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا ما تجاوزوا فيه الحدّ وخرجوا عن القصد .