ابن قولويه والكليني وغيرهما في إحدى زيارات الإمام الحسين عليهالسلام ، ما قد يتخيّل منه الغلوّ كقوله : ( إرادة الربّ في مقادير أموره تهبط اليكم وتصدر من بيوتكم ) (١) .
ونحوها الزيارة الجامعة الكبيرة التي فيها غالب مقامات الأئمّة وصفاتهم وكمالاتهم والتي لم يروها إلّا القميّون ، والشيخ الطوسي رواها عن الصدوق رحمهما الله (٢) ، والصدوق رواها معتقِداً بصحّة جميع فصولها ، لأنّه كان قد قال في أوّل الفقيه : « لم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أُفتي به وأحكم بصحّته ، وأعتقد فيه أنّه حجّة فيما بيني وبين ربي » .
فعدم رواية الصدوق (٣) المقطع السابق في زيارة الإمام الحسين ـ وبشهادة كثرة رواياته في مقامات الأئمّة العظيمة ـ لا يعني أنّه كان من المقصّـرة والآخرون من الغلاة . بل يروي أو لا يروي لصحة تلك الروايات عنده أو ضعفها .
إذن ماذا تعني روايتهم لهذا المقطع مع ما عرف عنهم من وقوفهم أمام الغلاة والمفوِّضة ؟ وعلى أيّ شيء يدل ذلك ؟ وكذا الحال بالنسبة إلى المتّهمين بالتفويض ، فتراهم يروون أحاديث قد تكون ذريعةً لرميهم بالتقصير كذلك .
إنّ تشدّد القميّين لا يعني اتّهام جميع البغداديين بالغلوّ والتفويض ، وكذا الحال بالنسبة إلى القميين حيث لا يعني أنّهم كانوا مقصّرين حقاً ، بل إنّ مواقفهم نبعت من حرصهم العميق على العقيدة .
وقد أَخرج أحمدُ بن محمّد بن عيسى الأشعري بالفعل ، البرقيَّ ، وسهلَ بن زياد الآدميَّ ، وغيرهما عن قم ، وهو يشير إلى وجود عقائد يمكن للمتشدّد تصنيفها
__________________
(١) انظر كامل الزيارات لابن قولويه : ٣٦٦ / الباب ٧٩٠ / ح ٦١٦ ، والكافي ٤ : ٥٧٧ / ح ١ ، من باب زيارة قبر أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ، وعنه في التهذيب ٦ : ٥٥ / ح ١٣١ .
(٢) تهذيب الاحكام ٦ : ٩٥ / الباب ٤٦ / ح ١٧٧ ، وانظر رواية الصدوق في من لا يحضره الفقيه ٢ : ٦٠٩ / ح ٢١٣ .
(٣) الفقيه ٢ : ٥٩٦ .