ضمن الغلوّ في قم ، وإن لم تكن كذلك في واقع الحال ، وكذا الحال بالنسبة إلى بغداد ، فقد يكون فيها عقائد يمكن تصنيفها في إطار التقصير ، مع أنّها ليست كذلك في واقع الأمر ، وهذا ما سنوضّحه بعد قليل تحت العنوان الثاني من بحوثنا التمهيدية ( منهج البغداديين والقميين في الرجال والعقائد ) .
وهو يؤكّد لنا أنّ علماء الشيعة الإمامية ـ سواء كانوا في قمّ أو بغداد أو الريّ أو خراسان أو غيرها ـ قد حافظوا على تراث أهل البيت وجَدُّوا في إيصاله إلى الأجيال اللّاحقة مع كامل الحيطة والحذر من إدراج الدخيل والمزوّر ضمن الأحاديث ، وتمحيصها من الزائف واللصيق ، كي تكون رواياتنا بعيدة عن الغلوّ والتقصير .
وبعد كلّ هذا نرجع إلى موضوع الشهادة الثالثة ، لكي نرى هل أنّه يرتبط بهذا النحو من التفكير ، أم ذاك ؟ وذلك بعد بيان جملة من المسائل حول الغلو والتفويض .
فمن الثابت المعلوم أنّ الإمام علياً عليهالسلام رجل اتّفق عليه الجميع ، فالعامّة لا تشكّ في لياقته للإمامة وكونه من الخلفاء الراشدين ، والشيعة الإمامية تعتبره وصيّ رسول ربّ العالمين وخليفته بلا فصل . فقد ولد الإمام علي في الكعبة (١) ، واستشهد في محراب العبادة (٢) ، وهو المطهر الذي سكن مسجد رسول الله (٣) ، وهو الصدّيق الذي آمن بالله وآدم بين الروح والجسد (٤) ، وهو الذي لم يسجد
__________________
(١) مستدرك الحاكم ٣ : ٥٥٠ / ح ٦٠٤٤ ، مروج الذهب ٢ : ٣٤٩ ، السيرة الحلبية ٣ : ٤٩٨ ، خصائص الأئمة : ٣٩ ، نهج الايمان : ٦٦٠ / الفصل ٤٧ .
(٢) طبقات ابن سعد ٣ : ٣٣ ، مشاهير علماء الامصار : ٦ ، المعجم الكبير ١ : ٩٧ / ح ١٦٨ .
(٣) مسند أحمد ١ : ١٧٥ / ح ١٥١١ ، تاريخ دمشق ٤٢ : ٢٣٨ / ١٦٥ ، القول المسدد : ١٨ ، ذخائر العقبى : ٧٦ ، مناقب بن شهرآشوب ٢ : ٣٧ ، العمدة : ١٨٠ .
(٤) الأمالي للمفيد : ٦ / المجلس الاول / ح ٣ ، الأمالي للطوسي : ٦٢٦ / ح ١٢٩٢ ، بحار الأنوار ٣٩ : ٢٤٠ .