لقد تقدم بين ثنايا الكتاب بعض الأدلّة على جواز الإتيان بالشهادة الثالثة في الأذان من دون اعتقاد الجزئية ، أبرزها الدليل الكنائي ودليل الاقتران . وفي هذا الفصل نريد البحث في التخريج الفقهي الذي أفتى على أساسه أكثر الفقهاء بجواز أو استحباب الإتيان بالشهادة الثالثة في الأذان .
فقد يقول القائل : إنّ الشهادة بالولاية من الله سبحانه تعالى يوم الميثاق ، ومروراً بالملائكة ، وانتهاءً ببني آدم في عالم الذر . . . ، لا ينهض لجواز الفتوى بدخول الشهادة الثالثة في الأذان ؛ فما هو التخريج الفقهي إذن ؟
هناك ثلاثة أو أربعة تخاريج يمكن للفقيه أن يستند إليها للإفتاء بجواز أو استحباب الشهادة الثالثة في الأذان بالخصوص .
ومجرى هذا الاصل لو شك المكلف في الحكم هل هو الجواز أم المنع ، فمقتضى الاصل جواز الفعل في مورد فقدان الدليل على حرمته ، وفيما نحن فيه لم يقم دليل معتبر على حرمة الشهادة الثالثة بدون قصد الجزئية ، فيكون مجرى اصالة الجواز .
وقد يرد هنا سؤال وهو : لا يمكنكم التعبد باصالة الجواز هنا وذلك لخلو الروايات البيانية الواردة عن المعصومين من وجود الشهادة بالولاية لعلي فيها ، فكيف تجيزونها في الأذان ؟
الجواب : هذا صحيح في الجملة وهو تام لو كان ذكرنا للشهادة الثالثة في الأذان ذكراً جزئيّاً وماهويّاً ، لكن إذا كان إتياننا لها شعارياً فالأمر مختلف تماماً .
توضيح ذلك : أنّ « أشهد أن عليّاً ولي الله » ليست من فصول الأذان ولا من أجزائه ولا من مقوّمات ماهيته المتوقّفة على نص الشارع ، غاية ما في الأمر أنّا
نأتي