القفل وانفتح الباب وسمع هاتف من داخل البيت : أَدْخِلُوا الحبيبَ إلى الحبيب ، فإنّ الحبيب إلى الحبيب مشتاق (١) .
إنّ ما حكي من موافقات الوحي لعمر ، كلّها حطّ لمقام النبوة على حساب رفع مقام عمر ، وأنّها أعلى مصاديق الغلوّ في الصحابة ، ففي تلك الروايات ترى عمر أكثر غَيرةً على العِرْضِ من النبي (٢) ، وتراه أعرف بحكم الصلاة على المنافق من رسول الله (٣) ، إلى غيرها من الموافقات المغالية الاخرى .
وفي قبال نظرة عمر المغالية في النبي نرى مواقِفَ للأئمّة الأطهار عليهمالسلام وأصحابهم تخالف مثل هذه التوجّهات التي لا تمتّ إلى روح وجوهر الشريعة بشيء ، وقد سجّلت الكتب أمثال هذه المواقف المتعلّقة في أبواب الفقه في مسائل النواصب الغلاة ، إضافةً إلى أنّ لأهل البيت روايات أُخرى بَيِّنة للردّ عليهما مذكورة ضمن مسائل الفقه والأحكام الشرعيّة الأُخرى .
والذي يهمّنا الآن هو : أنّا لا نقول إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله رُفِعَ إلى السماء ، بل نقول جازمين : إنّه مات كما جزم به القرآن الكريم ، وقد حكت الرواية الآتية تفاصيل مفردات هذا المعنى بكلِّ بيان ووضوح :
لمَّا هَمَّ عليٌّ بغسل النبيّ سمعنا صوتاً في البيت : إنّ نبيَّكم طاهرٌ مُطَهَّرٌ ، فقال عليُّ : غَسّلُوه . . . والله إنّه أمرني بغسله وكفنه وذلك سُنَّة ، قال : ثمّ نادى مناد آخر « يا علي ! استر عورة نبيك ولا تنزع القميص » (٤) .
__________________
(١) السيرة الحلبية ٣ : ٤٩٣ ، التفسير الكبير ٢١ : ٧٤ في قوله تعالى : ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ ) ، والرواية كذلك في تاريخ دمشق ٣٠ : ٤٣٦ ، والخصائص الكبرى ٢ : ٤٩٢ ، وكنز العمال ١٢ : ٢٤١ ، إلّا أنّها في المصادر الثلاثة الاخيرة روايات منكرة وغريبة .
(٢) تاريخ الخلفاء : ١٢٢ ، ١١٦ ، فضائل الصحابة لاحمد : ١١ .
(٣) تاريخ الخلفاء : ١٢٢ ـ ٤ .
(٤) التهذيب ١ : ٤٦٨ / ح ١٥٣٥ ، وسائل الشيعة ٢ : ٤٧٧ / ح ٢٦٩١ ، مناقب بن شهرآشوب ٢ : ٨٨ ، وانظر سنن أبي داود ٣ : ١٩٦ / ح ٣١٤١ ، وسنن ابن ماجة ١ : ٤٧١ / ح ١٤٦٦ .