فمن الطبيعي جدّاً أن يغسّل النبيّ صلىاللهعليهوآله ؛ إذ التغسيل من الأحكام الشرعية الجارية على جميع المكلّفين المسلمين على حدّ سواء ولا يستثنى منه نبي أو وصي ، ولو رجعت إلى كتب علمائنا في العقائد لرأيتهم يخالفون من أخذ بقول بعض شيوخ الأخبارية والشيخية من القول بطهارة دم الإمام (١) ، وذلك لاعتقادنا بجريان الأحكام على الجميع من غير استثناء ؛ إذ أنّ إطلاق نجاسة الدم تشمل دم المعصوم وغيره ، وقد كانوا عليهمالسلام يعملون بهذا الحكم ويرفعون الدم عن أجسامهم وملابسهم .
وقد سئل جدّي ـ من جهة الأُم ـ الشيخ محمّد علي الكرمانشاهي ـ ابن الوحيد البهبهاني ـ في كتابه ( مقامع الفضل ) فأفتى بعدم الطهارة (٢) ، وادّعى عليه الشهرة من الخاصّة والعامّة .
ومثل الغلوّ ، القول بالتفويض ، فإنّه لم يكن مختصّاً بالشيعة ، فهناك طوائف من العامة تقول بذلك ، ففي كتاب ( التنبيه والردّ على أهل الأهواء والبدع ) قال : ومن
__________________
(١) ذهب بعض العامة كالشافعي وبعض الحنفية والمالكية وبعض الخاصة كالفاضل الدربندي في ( اسرار الشهادة ) إلى طهارة دم المعصوم ، مستدلين بآية التطهير ، وما روى عن أبي طيبة الحجام من أنه شرب دم النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال له صلىاللهعليهوآله : ما حملك على ذلك ؟
قال : أتبرك به .
قال : اخذت أماناً من الأوجاع والأسقام والفقر والفاقة ولا تمسَّك النار . وغيرها من الروايات الدالة على فضيلة التبرك بدم النبي والإمام . اُنظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ( في الفقه الحنفي ) ٤ : ٥١ ، والموافقات في أصول الفقه ( الفقه المالكي ) ٤ : ٦٨ الاقناع للشربيني ( فقه شافعي ) ١ : ٨٩ .
فالمسالة خلافية عند المسلمين ولا أثر عملي لها اليوم في عصر غيبة الإمام المهدي سلام الله عليه ، وإذا اردت المزيد يمكنك مراجعة كتاب اللمعة البيضاء : ٨٤ ، للمولى محمّد علي بن أحمد القراجة داغي التبريزي الانصاري ، حيث جمع فيه اراء العلماء وفتاواهم في هذه المسألة ، نترك الكلام عنها مكتفين بهذا التعليق .
(٢) مقامع الفضل ١ : ٢٨٣ ، مسألة / رقم ٢٧٥ .