إلى بغداد ، وأنا أُريد أن أُودّعه ، فقال : تجيء إلى بغداد ؟ قلت : بلى .
قال : تعين مولاي هذا بدفع كتبه ، ففكّرت وأنا في صحن الدار أمشي ، فقلت : هذا حجة الله على خلقه ، يكتب إلى أبي أيّوب الجزري ، وفلان ، وفلان يسألهم حوائجه ! ! فلمّا صرنا إلى باب الدار صاح بي : يا سليمان ، ارجِعْ أنت وحدك ، فرجعت ، فقال : كتبت إليهم لأخبرهم أنّي عبدٌ ولي إليهم حاجة (١) .
وفي كشف الغمة : عن أيوب ، قال : قال فتح بن يزيد الجرجاني : ضمّني وأبا الحسن [ الهادي ] عليهالسلام الطريقُ منصرَفي من مكّة إلى خراسان ، وهو صائر إلى العراق ـ والحديث طويل نقتطف منه بعض إخبارات الإمام لفتح عمّا يختلج في صدره ـ فقال عليهالسلام : . . . وأمّا الذي أختلج في صدرك فإن شاءَ العالمُ أنباك ، إنّ الله لم يظهر على غيبه أحداً إلّا من ارتضى من رسول ، فكُلُّ ما كان عند الرسولِ كان عند العالم ، وكلُّ ما اطَّلع عليه الرسولُ فقد أَطْلَعَ أوصياءَهُ عليه ، لئلّا تخلو أرضه من حُجّة ، يكون معه علم يدلُّ على صدق مقالته ، وجواز عدالته .
يا فتح ، عسى الشيطان أراد اللبس عليك ، فأوهمك في بعض ما أودعتك ، وشكّك في بعض ما أنبأتك حتى أراد إزالتك عن طريق الله وصراطه المستقيم . . . معاذ الله ، إنّهم مخلوقون مربوبون لله ؛ مطيعون ، داخرون راغبون ، فإذا جاءك الشيطان من قِبَلِ ما جاءك فاقمعه بما أنباتك به .
فقلت له : جعلت فداك فرّجت عني ، وكشفت ما لبّس الملعونُ عَلَيَّ بشرحك ، فقد كان أوقع في خَلَدي أنّكم أرباب .
قال : فسجد أبو الحسن وهو يقول في سجوده : راغماً لك يا خالقي داخراً خاضعاً .
قال : فلم يزل كذلك حتى ذهب ليلي .
__________________
(١) الخرائج والجرائح ٣ : ٦٣٩ / ح ٤٤ وعنه في بحار الأنوار ٤٧ : ١٠٧ / ح ١٣٧ والمتن منه .