ثم قال : يا فتح ، كدتَ أن تَهْلِكَ وتُهْلِكَ ، وما ضرَّ عيسى عليهالسلام إذا هلك من هلك ، فاذهب إذا شئت رحمك الله .
قال : فخرجت وأنا فرح بما كشف الله عنّي من اللبس ، بأنّهم هم ؛ وحمدت الله على ما قدرت عليه ، فلمّا كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو مُتَّك وبين يديه حنطة مقلوّة يعبث بها ، وقد كان أوقع الشيطان في خَلَدِي أنّه لا ينبغي أن يأكلوا ويشربوا إذ كان ذلك آفة ، والإمامُ غيرُ مَؤُوف (١) ، فقال : اجلس يا فتح ، فإنّ لنا بالرسل أسوة ، كانوا يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق ، وكلُّ جسم مَغْذُوٌّ بهذا إلّا الخالق الرازق . . والحديث طويل (٢) .
وعن ابن المغيرة ، قال : كنت عند أبي الحسن عليهالسلام أنا ويحيى بن عبد الله بن الحسن عليهالسلام ، فقال يحيى : جعلت فداك ، إنّهم يزعمون أنّك تعلم الغيب ، فقال : سبحان الله ، ضع يدك على رأسي ، فوالله ما بقيت في جسدي شعرة ولا في رأسي إلّا قامت ، قال : ثمّ قال : لا والله ما هي إلّا رواية عن رسول الله (٣) .
وعن سدير ، قال : قلت لأبي عبد الله : إنّ قوماً يزعمون أنّكم آلهةٌ . . . قال : يا سدير ، سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء بُراءٌ ، برئَ الله منهم ورسوله ، ما هؤلاء على ديني ودين آبائي ، والله لا يجمعني الله وإيّاهم يوم القيامة إلّا وهو عليهم ساخط .
قال : قلت : فما أنتم جعلت فداك ؟
قال : خزّان علم الله ، وتراجمةُ وحي الله ، ونحن قوم معصومون ، أمر الله بطاعتنا ، ونهى عن معصيتنا ، نحن الحجّة البالغة على من دون السماء وفوق
__________________
(١) أي لا يصاب بآفة .
(٢) كشف الغمة ٣ : ١٧٩ ـ ١٨٢ ، وعنه في بحار الأنوار ٥٠ : ١٧٧ / الرقم ٥٦ .
(٣) انظر رجال الكشي ٢ : ٥٨٧ / ٥٣٠ .