الحكيم ، والسنة المطهرة ، والعقل السليم ، والإجماع ، والتاريخ الصحيح ، فصحيح أنّهم يقولون : قال جعفر بن محمّد الصادق ، لكن الإمام عليهالسلام لا يتقاطع مع القرآن « فعلي مع القرآن والقرآن مع علي » ، والأئمة من ولده هم عدل القرآن كما في حديث الثقلين ، فلا يقولون بشيء يخالف آيات القرآن الكريم ، وما أقرّته وصدَّقته السُّنَّة النبويَّة ، وإنّ منهجيّة أهل بيت النبوّة كانت مبتنية على هذه الأُصول ، ولذلك فإنّ الإمام محمّد بن علي الباقر ، والإمام جعفر بن محمّد الصادق وباقي الأئمة أمروا شيعتهم بعرض ما يدّعى أنّه كلامهم على الكتاب العزيز فما وافقه أخذوا به وما خالفه طرحوه (١) ، وقالوا : ما خالف كتاب الله فهو زخرف (٢) . وهذا منهج يقبله العقل والفطرة السليمة .
وعليه ، فالشيعة ترفض الأقوال العائمة من قبل المغرضين أياً كان قائلها ، لأنّها لا تستند إلى آية مباركة أو حديث صحيح أو عقل عملي أو اجماع محصَّل .
وإذا كنّا نريد التعامل مع البحث بموضوعيّة فلا بدّ من النظر إليه وفق الأُصول الشرعيّة ، لأنّه لا يمكننا القول بإنّ كلَّ ما رواه وعمل به الغلاة فهو من وضعهم حتّى لو كان له أصل في القرآن أو السنة !
لقد كان للغلاة والمفوّضة وجود ، في عصر الأئمّة ثم من بعدهم ، وكان المحدِّثون القميّون ـ تبعاً لأئمتهم ـ يخالفونهم بشدّة ، ويصرُّون على عدم نقل أيّ حديث أو رواية عنهم ، ويأسفون لوجود طائفة من الروايات منقولة عنهم ، حتّى وصل الأمر بأهل قم أن يخرجوا من مدينتهم عدَّة من جهابذة الحديث المعتبرين ،
__________________
(١) انظر المحاسن ١ : ٢٢٦ / ح ١٥٠ ، الكافي ١ : ٦٩ / ح ١ / باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب ، الأمالي للصدوق : ٤٤٩ / ح ٦٠٨ .
(٢) انظر المحاسن ١ : ٢٢١ / ح ١٢٨ ، الكافي ١ : ٦٩ / ح ٣ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١١١ / ح ٣٣٣٤٧ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٤ / ح ٢١٤١٧ و ٢١٤١٨ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٤٢ / ح ٣٧ .