التشيع في اللّغة هو المحبّة والموالاة والاتّباع لمنهج معيّن ، وكانت تطلق هذه الكلمة على شيعة علي وشيعة عثمان ، ثم اختصت اللفظة بشيعة علي عليهالسلام ومؤيديه والقائلين بامامته واتخذ العامّة في الأزمنة اللاحقة مصطلحي ( الرفض ) و ( التشيع ) للتمييز بينهما ، فأطلقوا الأوّل على الذين يقدّمون علياً على أبي بكر وعمر وعثمان مع اعتقادهم عدم استحقاق الشيخين وعثمان للخلافة ، والثاني على الذين يقدّمون علياً على عثمان مع عدم مساسهم بالشيخين .
ففي « مسائل الامامة » : أن أهل الحديث في الكوفة ـ مثل : وكيع بن الجراح ، وفضل بن دكين ـ يزعمون أنّ أفضل الناس بعد النبي أبو بكر ثم عمر ثمّ علي ثم عثمان ، يقدّمون علياً على عثمان ، وهذا تشيّع أصحاب الحديث من الكوفيّين ويثبتون إمامة علي . . . بخلاف أصحاب الحديث من أهل البصرة الذين يقولون أن أفضل الأمة بعد النبي أبو بكر ثمّ عمر ثم عثمان ثم علي ، ثم يساوون بين بقية أهل الشورى (١) .
وقال الذهبي بعد أن اتّهم محمّد بن زياد ـ من مشايخ البخاري ـ بالنصب : بلى ، غالب الشاميين فيهم توقّف عن أمير المؤمنين علي رضياللهعنه . . كما إنّ الكوفيّين إلّا من شاء ربك فيهم انحراف عن عثمان وموالاة لعلي وسلفهم شيعته وأنصاره . . . ثم خلقٌ من شيعة العراق يحبّون عليّاً وعثمان ، لكن يفضّلون عليّاً على عثمان ولا يحبّون من حارب علياً مع الاستغفار لهم ، فهذا تشيّع خفيف (٢) .
وهو يشير إلى أنّ التشيع ـ في الاعم الاغلب ـ في بغداد والكوفة لم يكن ولائيّاً
__________________
(١) مسائل الإمامة ، المنسوب إلى الناشيء الأ كبر ( ت ٢٩٣ هـ ) تحقيق فان اس ط ١٩٧١ م .
(٢) ميزان الاعتدال ٦ : ١٥٣ .