مكة يثبطون الناس عن الإيمان بالقرآن (أُولئِكَ) [٢٧ أ] (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) ـ ٥١ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى) يعنى إذا حدث نفسه (أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) يعنى فى حديثه مثل قوله : (... وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ) (١) ... يقول إلا ما يحدثوا عنها يعنى التوراة وذلك أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يقرأ فى الصلاة عند مقام إبراهيم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فنعس فقال : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ، وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ،) تلك الغرانيق العلى ، عندها الشفاعة ترتجى ، فلما سمع كفار مكة أن لآلهتهم شفاعة فرحوا ، ثم رجع النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : «أفرأيتم اللات والمزي ومناة الثالثة الأخرى ، ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى» (٢) فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) على
__________________
(١) سورة البقرة : ١٧٨.
(٢) هذه رواية باطلة لا أصل لها كما ذكر ذلك المحققون مثل ابن العربي والقاضي عياض وغيرهم.
على أن المنقول والمعقول يأبيان قبولها. فالقرآن صرح بأن الله تكفل بحفظ القرآن فى قلب النبي وسلامة قرامة على لسانه قال ـ تعالى ـ : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ، إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ). سورة طه : ١١٤.
ثم ألا يأتى النعاس على النبي إلا عند ذكر آلهة المشركين. وإذا جاز للشيطان أن يجرى هذا الكلام على لسان النبي تطرق الشك والاحتمال إلى غيره. وقد صرح القرآن بخلافه قال تعالى ـ : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) سورة الحجر : ٩.
ومن حفظ القرآن ، صيانته من الاختلاط بغيره خصوصا ما يخالف عقيدة المسلمين.
وقد ورد فى ذلك روايات منها ما جاء فى لباب النقول للسيوطي : ١٥١ :
«أخرج ابن أبى حاتم وابن جرير وابن المنذر من طريق بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال قرأ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بمكة «والنجم» فلما بلغ (... أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ...) ألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى ، فقال المشركون : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا فنزلت (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ...) الآية. ـ