مِنْ أَرْضِنا) نزلت فى الحارث بن نوفل بن عبد مناف القرشي ، وذلك أنه قال للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : إنا لنعلم «أن» (١) الذي تقول حق ولكنا يمنعنا أن نتبع الهدى معك مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا يعنى مكة فإنما نحن أكلة رأس للعرب ولا طاقة لنا بهم ، يقول الله ـ تعالى ـ : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ) يحمل إلى الحرم (ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) يعنى بكل شيء من ألوان الثمار (رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا) يعنى من عندنا (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) يعنى أهل مكة (لا يَعْلَمُونَ) ـ ٥٧ ـ يقول هم يأكلون رزقي ويعبدون غيرى وهم آمنون فى الحرم من القتل والسبي فكيف يخافون لو أسلموا أن لا يكون ذلك لهم ، نجعل لهم الحرم آمنا فى الشرك ونخوفهم فى الإسلام؟ فإنا لا نفعل ذلك بهم لو أسلموا ، ثم خوفهم ـ عزوجل ـ فقال ـ سبحانه ـ : (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) يقول بطروا وأشروا يتقلبون فى رزق الله ـ عزوجل ـ فلم يشكروا الله ـ تعالى ـ فى نعمه فأهلكهم بالعذاب (فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ) يعنى من بعد هلاك أهلها (إِلَّا قَلِيلاً) من المساكن فقد يسكن فى بعضها (وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ) ـ ٥٨ ـ لما خلفوا من بعد هلاكهم يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية حين قالوا : إنا نتخوف أن نتخطف من مكة ، ثم قال الله ـ عزوجل ـ : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى) يعنى معذب أهل القرى الخالية (٢) (حَتَّى «يَبْعَثَ» (٣) فِي أُمِّها رَسُولاً) يعنى فى أكبر تلك القرى رسولا وهي مكة (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) يقول يخبرهم
__________________
(١) «أن» : زيادة اقتضاها السباق.
(٢) من ز ، وفى أ : القرى. الأمم الخالية.
(٣) فى أ : نبعث.