(هُنالِكَ) يعنى عند ذلك (ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ) بالقتال والحصر (١) (وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) ـ ١١ ـ لما رأى الله ـ عزوجل ـ ما فيه المؤمنون من الجهد والضعف «بعث عليهم» (٢) ريحا وجنودا من الملائكة ، فأطفأت الريح نيرانهم ، وألقت أبنيتهم ، وأكفأت قدورهم ونزعت أوتادهم ، ونسفت التراب فى وجوههم ، وجالت الدواب بعضها فى بعض ، وسمعوا تكبير الملائكة فى نواحي عسكرهم فرعبوا ، فقال طليحة بن خويلد الأسدى : إن محمدا قد بدأكم بالشر فالنجاة النجاة ، فنادى رئيس كل قوم بالرحيل فانهزموا ليلا بما استخقوا من أمتعتهم ، ورفضوا بعضها لا يبصرون شيئا من شدة الريح والظلمة ، فانهزموا فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) بالريح والملائكة (وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) (٣) يعنى منيعا فى ملكه حين هزمهم.
(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) منهم أوس بن قيظى ، ومعتب بن قشير الأنصارى (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) يعنى الشك (ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) ـ ١٢ ـ وذلك أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما بلغة إقبال المشركين من مكة أمر بحفر الخندق فحفر كل بنى أب على حدة ، وصار سلمان الفارسي فى بنى هاشم فأتى سلمان على صخرة فلم يستطع قلعها ، فأخذ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ المعول من سلمان فضرب به ثلاث ضربات «فانصدع» (٤) الحجر ، وسطع نور من الحجر كأنه البرق ، فقال سلمان : يا رسول الله لقد رأيت من الحجر أمرا عجيبا وأنت
__________________
(١) الحصر المراد به الحصار الذي أحاط بالمؤمنين فصاروا بين المشركين واليهود.
(٢) فى ف : «بعث الله عليهم» والضمير فى عليهم عائد على الكافرين.
(٣) سورة الأحزاب : ٢٥.
(٤) فى أ : «وانصدع» وهو تصحيف.