والأرض وهو شاخص ببصره نحو العرش ، يؤمر فينفخ فى القرن فإذا نفخ فيه :
__________________
وقد عرض الطبري معنى الآية وهو قريب مما ذهب إليه مقاتل ثم عرض رأيا آخر لبعض أهل العربية من أهل البصرة. يقول :
(وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) أى فى قدرته نحو قوله : (... وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ...) أى وما كانت لكم عليه قدرة وليس الملك لليمين دون سائر الجسد قال : وقوله : «... فى قبضته ...» نحو قولك للرجل هذا فى يدك وفى قبضتك. تفسير الطبري : ٢٣ / ١٩.
وقد ذهب النسفي والنيسابوري مذهب الزمخشري فى تأويل هذه الآية. قال النيسابوري (... وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ ...) قال جار الله : الغرض من هذا الكلام إذا أخذته كما هو بجملته تصوير عظمته ، والتوفيق على كنه جلاله من غير ذهاب بالقبضة واليمين إلى جهة حقيقة أو إلى جهة مجاز ، وكذلك حكم ما يروى عن عبد الله بن مسعود أن رجلا من أهل الكتاب جاء إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : يا أبا القاسم ، إن الله يمسك السموات يوم القيامة على إصبع ، والأرض على إصبع ، والشجر على إصبع ، والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن ، فيقول أنا الملك ، فضحك رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ تعجبا مما قال وأنزل الله الآية تصديقا له.
وقال جار الله وإنما ضحك أفصح العرب وتعجب لأنه لم يفهم منه إلا ما يفهمه علماء البيان ، من غير تصور إمساك ولا إصبع ولا هز ولا شيء من ذلك ولكن فهمه وقع أول شيء وآخره على الزبدة والخلاصة التي هي الدلالة على القدرة الباهرة وأن الأفعال العظام التي لا تكتنها الأوهام هينة عليه. وقال النيسابوري ... والقبضة بالفتح المرة من القبض يعنى والأرضون جميعا مع عظمهن لا يبلغن إلا قبضة واحدة من قبضاته فهن ذوات قبضته وعندي أن المراد منه تصرفه يوم القيامة فيها بتبديلها كقوله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ...) سورة إبراهيم : ٩٨.
(... وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ...) كقوله : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ...) سورة الأنبياء : ١٠٤ وقيل معنى مطويات كونها مستولى عليها استيلاءك على الشيء المطوى عندك بيدك.
وقيل معنى مطويات كونها مستولى عليها بيمينه أى يقسمه لأنه ـ تعالى ـ حلف أن يطويها ويفنيها فى الآخرة.
وفى الآية إشارة إلى كمال استغنائه وأنه إذا أراد تبديل الأرض غير الأرض ، والسموات وذلك فى يوم القيامة ، سهل عليه كل السهولة ، ولذلك نزه نفسه عن الشركاء بقوله (... سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).