من الدواب وغيرها (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعنى هو أنطقكم أول مرة من قبلها فى الدنيا ، قبل أن ننطق نحن اليوم (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ـ ٢١ ـ يقول إلى الله تردون فى الآخرة فيجزيكم بأعمالكم فى التقديم (١) وذلك أن هؤلاء النفر الثلاثة كانوا فى ظل الكعبة يتكلمون ، فقال أحدهم : هل يعلم الله ما نقول؟ فقال الثاني : إن خفضنا لم يعلم ، وإن رفعنا علمه. فقال الثالث : إن كان الله يسمع إذا رفعنا فإنه يسمع إذا خفضنا. فسمع قولهم عبد الله بن مسعود ، فأخبر بقولهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأنزل الله فى قولهم : (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) يعنى تستيقنون ، وقالوا تستكتمون (أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ) يعنى حسبتم (أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) ـ ٢٢ ـ يعنى هؤلاء الثلاثة قول بعضهم لبعض هل يعلم الله ما نقول ، لقول الأول والثاني والثالث ، يقول حسبتم «أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون» (٢). (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ) يقول يقينكم الذي أيقنتم بربكم وعلمكم بالله بأن الجوارح لا تشهد عليكم ، ولا تنطق وأن الله [١٣٥ أ] لا يخزيكم بأعمالكم الخبيثة (أَرْداكُمْ) يعنى أهلككم سوء الظن (فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) ـ ٢٣ ـ بظنكم السيئ كقوله لموسى : (... فَتَرْدى) (٣) يقول فتهلك (فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) يعنى من أهل النار (فَإِنْ يَصْبِرُوا) على النار (فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) يعنى فالنار مأواهم (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) فى الآخرة (فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) ـ ٢٤ ـ يقول وإن يستقيلوا ربهم فى الآخرة ، فما هم من المقالين لا يقبل ذلك منهم ، ثم قال : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ) فى الدنيا (قُرَناءَ) من الشياطين يقول
__________________
(١) من أ ، وليس فى ف ، وفى أأيضا زيادة : «فاستقيموا إليه واستغفروه وإليه ترجعون».
(٢) من ف ، وفى أأخطاء.
(٣) سورة طه : ١٦.