ـ تعالى ـ كليهما ، فكانا سواء لم يزد ماء السماء على ماء الأرض ، وكان ماء السماء باردا مثل الثلج ، وماء الأرض جارا مثل الحميم ، فذلك قوله : (عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) لأن الماء ارتقع فوق كل جبل ثلاثين يوما ، ويقال أربعين ذراعا ، فكان الماء الذي على الأرض ، والذي على رءوس الجبال سواء فابتلعت الأرض ماءها ، وبقي ماء السماء أربعين يوما «لم تشربه الأرض (١)» فهذه البحور التي على الأرض منها (وَحَمَلْناهُ) نوحا (عَلى ذاتِ أَلْواحٍ) يعنى ألواح السفينة وهي من ساج ، ثم قال : (وَدُسُرٍ) ـ ١٣ ـ يعنى مسامير من حديد تشد به السفينة ، كان بابها فى عرضها (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) يقول تجرى السفينة فى الماء بعين الله ـ تعالى ـ فأغرق الله قوم نوح ، فذلك الغرق (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) ـ ١٤ ـ يعنى نوحا المكفور به (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً) يعنى السفينة كانت عبرة وآية لمن بعدهم من الناس ، نظيرها فى الحاقة (٢) ، وفى الصافات (٣) ، وفى العنكبوت (٤).
__________________
(١) فى أ : «لم ينسفها الأرض» وفى ف : «لم ينشقها الأرض».
(٢) عله يشير إلى الآية ١١ ، ١٢ من سورة الحاقة وهما (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ ، لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ).
(٣) عله يشير إلى الآية ١٤ وهي (وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ). أو إلى قصة نوح فى سورة الصافات فى الآيات ٧٥ ـ ٨٢ ، وتمامها (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ، وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ، وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ ، وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ، سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ ، إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ).
(٤) يشير إلى آيتي ١٤ ، ١٥ من سورة العنكبوت وفيهما (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ ، فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ).