إن ريحك هذه لا تزيل أقدامنا وقالوا من أشد منا قوة يعنى بطشا فقاموا صفونا فاستقبلوها بصدورهم فأزالت الريح أقدامهم. فقالوا : يا هود ، إن ريحك هذه تزيل أقدامنا فألقتهم الريح لوجوههم ونسفت عليهم الرمل حتى إنه يسمع أنين أحدهم من تحت الرمل ، فذلك قوله : (... أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ...) (١) وقال لهم هود حين جاءتهم الريح إنها (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) يعنى تهلك كل شيء من عاد بأمر ربها (٢) من الناس والأموال والدواب ، بإذن ربها يقول الله ـ تعالى ـ لمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (فَأَصْبَحُوا «لا يُرى») (٣) (إِلَّا مَساكِنُهُمْ) بالشجر ولم يبق لهم شيء (كَذلِكَ) يقول هكذا (نَجْزِي) بالعذاب (الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) ـ ٢٥ ـ بتكذيبهم وهاجت الريح غدوة وسكنت بالعشي اليوم الثامن عند غروب الشمس ، فذلك قوله : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ) (٤) وقبضت أرواحهم يوم الثامن ، فذلك قوله : (وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ...) «(٥)» يعنى كاملة دائمة متتابعة قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ، ثم بعث الله طيرا سودا
__________________
(١) سورة فصلت : ١٥.
(٢) سئل مقاتل عن قوله ـ تعالى ـ : (... كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ...) سورة القصص : ٨٨ ، قال كل شيء فيه الروح ، واستشهد بقوله ـ تعالى ـ : (... وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ...) سورة النمل : ٢٣ ، قال : ولم تؤت إلا ملك بلادها ، وهنا أيضا يقول (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ) يعنى تهلك كل شيء لعاد ، ولم يترك مقاتل (كُلَّ شَيْءٍ) فى القرآن إلا ذكره ، وفسره بما يناسب السياق ، انظر منهج مقاتل فى التفسير.
(٣) فى أ : «لا ترى».
(٤ ، ٥) سورة الحاقة : ٧ وفى الأصل : «حسوم».