لأمر الله ـ عزوجل ـ فأحرقهم كلهم ، فلم يزل ياقى واحدا بعد واحد فى النار حتى مرت امرأة ومعها صبي لها صغير يرضع فلما نظرت المرأة إلى ولدها أشفقت عليه ، فرجعت «فعرضوا (١)» عليها أن تكفر فأبت فضربوها حتى رجعت فلم تزل ترجع مرة ، وتشفق مرة ، حتى تكلم الصبى فقال لها : يا أماه [٢٣٥ ب] إن بين يديك نارا لا تطفأ أبدا ، فلما سمعت قول الطفل «أحضرت (٢)» حتى ألقت نفسها فى النار ، فجعل الله ـ عزوجل ـ أرواحهم فى الجنة ، وأوحى الله ـ تبارك وتعالى ـ إلى نبيه «محمد (٣)» ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) يوسف بن «ذى (٤)» نواس وأصحابه ، ثم ذكر مساوئهم فقال : (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) ـ ٥ ـ (إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) ـ ٦ ـ يعنى أصحابه قعود على «شفة (٥)» الخد (وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) ـ ٧ ـ قال كانوا يعرفون أن يوسف بن ذى نواس ليس يعذب «إلا بالإيمان (٦)». ثم قال يتعجب من سوء صنيعهم ، فقال : (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ) يقول وأى ريبة رأوا منهم؟ «ما عذبهم (٧)» (إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ) فى نقمته (الْحَمِيدِ) (٨) ـ ٨ ـ «الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (٩)» (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من السر والعلانية (شَهِيدٌ) ـ ٩ ـ ، ثم قال : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ)
__________________
(١) فى أ : «فأعرضوا».
(٢) كذا فى أ ، ف ، والمعنى جاءت أو أحضرت نفسها.
(٣) فى أ ، وف : «محمدا».
(٤) فى أ ، ف : «ذا».
(٥) فى أ : «شبه» ، وفى ف : «شفة».
(٦) كذا فى أ ، ف ، والأنسب «إلا على الإيمان» : أى لا يعذب إلا المؤمنين حتى يتركوا إيمانهم.
(٧) كذا فى أ ، ف ، والأنسب : «ما عذبوهم».
(٨) فى أ ، ف : («الحميد» فى السموات)
(٩) (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : ساقط من أ ، ف.