٥٨ ـ بصيرة فى نوس ونوص
النّاس ، قيل أصله من ناس ينوس : إذا اضطرب ، وتصغيره على هذا نويس. وقيل : أصله أناس فحذف فاؤه لمّا أدخل عليه الألف واللام. وقيل (١) من نسى ، وأصله إنسيان على افعلان.
وقوله : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ، [قد يراد بالناس الفضلاء دون من يتناوله اسم الناس (٢)] تجوّزا ، وذلك إذا اعتبر معنى الإنسانيّة وهو وجود العقل (٣) والذكر وسائر القوى (٤) المختصّة به ، فإنّ كلّ شىء عدم فعله المختصّ به لا يكاد يستحقّ اسمه ، كاليد فإنّها إذا عدمت فعلها الخاصّ بها فإطلاق اليد عليها كإطلاقها على يد السرير ورجله.
وقوله تعالى : (آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ)(٥) أى كما يفعل من وجد فيه معنى الإنسانية ، ولم يقصد بالإنسان عينا بل قصد المعنى ، وكذا قوله : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)(٦) أى من وجد فيه معنى الإنسانيّة أىّ إنسان كان. وربّما قصد به النّوع كما هو (٧) وعلى هذا قوله : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ)(٨).
__________________
(١) فى المفردات : وقيل قلب من نسى. وفى التاج : وقيل أصل الناس الناسى. قال تعالى (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) بالرفع والجر ، الجر اشارة إلى أصله إشارة إلى عهد آدم حيث قال (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ) وقال الشاعر :
وسميت إنسانا لأنك ناسى
(٢) ما بين القوسين تكملة من المفردات لا يستقيم المعنى إلا بها.
(٣) فى المفردات : الفضل.
(٤) فى المفردات : المعانى.
(٥) الآية ١٣ سورة البقرة.
(٦) الآية ٥٤ سورة النساء.
(٧) فى ا ، ب هم وما أثبت عن المفردات.
(٨) الآيتان ٢٥١ سورة البقرة ، ٤٠ سورة الحج.