١١ ـ بصيرة فى وحد
الوحدة : الانفراد. والواحد : أوّل العدد ، والجمع : وحدان وأحدان ، ويروى بالوجهين بيت قريط بن أنيف العنبرىّ :
قوم إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهم |
|
طاروا إليه زرافات ووحدانا (١) |
مثل شابّ وشبّان ، وراع ورعيان. قال الفرّاء : أنتم حىّ واحدون (٢) ، يقال منه : وحد (٣) يحد وحودا ووحودة ووحدا ووحدة وحدة. وقوله تعالى : (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ)(٤) أى بخصلة واحدة ، وهى هذه : (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى)(٥) ، وقيل : معناه أعظكم بوحدانيّة الله تعالى ، أى بأن توحّدوا الله. وقوله تعالى : (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ)(٦) ولم يقل كواحدة لأنّ أحدا نفى عامّ للمذكّر والمؤنّث ، والواحد والجمع.
ومن صفات الله تعالى الواحد الأحد. قال الأزهرىّ : الفرق بينهما أنّ الأحد بنى لنفى ما يذكر معه من العدد ؛ والواحد مفتتح العدد ، تقول : ما أتانى منهم [أحد (٧)] وجاءنى منهم واحد. والواحد بنى على انقطاع النّظير وعوز المثل.
__________________
(١) ديوان الحماسة لأبى تمام ج ١ / ٣.
الناجذ : ضرس الحلم. وللإنسان أربعة نواجذ ـ زرافات : جماعات. يريد أنهم لحرصهم على القتال لا ينتظر بعضهم بعضا ، بل يسرعون إلى الحرب مجتمعين ومتفرقين.
(٢) كما يقال : شرذمة قليلون.
(٣) فى القاموس : كعلم وكرم. وفى التاج : ولو وزنه بورث لكان أقرب للصناعة وأجرى على قواعده. وفى اللسان عن اللحيانى : «يقال : وحد فلان يوحد أى بقى وحده». فلعل تنظيره بعلم ينظر إلى هذا المضارع. وعبارة المصباح : وحد يحد حدة من باب وعد : انفرد بنفسه فهو وحد بفتحتين ، وكسر الحاء لغة. ووحد بالضم وحادة ووحدة فهو وحيد كذلك.
(٤ و ٥) الآية ٤٦ سورة سبأ.
(٦) الآية ٤٦ سورة سبأ.
(٧) تكملة من اللسان يقتضيها السياق. وعبارة اللسان : «وأحد يصلح فى الكلام فى موضع الجحود ، وواحد فى موضع الإثبات ، يقال : ما أتانى منهم أحد ، فمعناه : لا واحد أتانى ولا اثنان : وإذا قلت جاءنى منهم واحد فمعناه أنه لم يأتنى منهم اثنان فهذا حد الأحد ما لم يضف ، فإذا أضيف قرب من معنى الواحد ، وذلك أنك تقول : قال أحد الثلاثة كذا وكذا. وأنت تريد واحدا من الثلاثة» ومن هذا يتبين ما فى اختصار المصنف لعبارة الأزهرى.