١١ ـ بصيرة فى هزء
الهزء : مزح فى خفية ، هزئت من فلان / ، وبه ، عن الأخفش هزءا وهزؤا ، سخرت. وهزأت به أيضا هزءا ومهزأة ومهزؤة. وقد يقال الهزؤ لما هو كالمزح ؛ فممّا قصد به المزح قوله تعالى : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً)(١) وقوله : (وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً)(٢) ، عظّم تبكيتهم ونبّه على خبثهم من حيث إنّه وصفهم بأنّهم بعد العلم بها والوقوف على صحّتها يهزءون بها.
واستهزأت به ، وتهزّأت به ، أى هزئت. والاستهزاء أيضا : ارتياد الهزء ، وإن كان قد يعبّر به عن تعاطى الهزء ، كالاستجابة فى كونها ارتيادا للإجابة ، وإن كان قد يجرى مجرى الإجابة. وقال الله تعالى : (قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ)(٣).
والاستهزاء من الله فى الحقيقة لا يصحّ ، كما لا يصحّ منه اللهو واللّعب ، فقوله : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)(٤) أى يجازيهم جزاء الهزء. ومعناه أنّه أمهلهم مدّة ثمّ أخذهم مغافصة (٥) فسمّى إمهاله إيّاهم استهزاء من حيث إنّهم اغترّوا به اغترارهم بالهزء ، فيكون ذلك كالاستدراج (٦) من حيث لا يعلمون ، أو لأنّهم استهزءوا فعرف ذلك منهم فصار كأنّه يهزأ بهم ، كما قيل :
__________________
(١) الآية ٦٧ سورة البقرة.
(٢) الآية ٩ سورة الجاثية.
(٣) الآية ٦٥ سورة التوبة.
(٤) الآية ١٥ سورة البقرة.
(٥) مغافصة : على غرة مع إساءة يقال : غافص الرجل مغافصة.
(٦) استدرجه : أخذه قليلا قليلا ولم يباغته.