وقوله تعالى : (سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ)(١) إشارة إلى العقل والكتاب المنزل والنبىّ المرسل ، وسائر الآيات الدالّة على وجوب الإيمان بالله. وجعله مناديا بالإيمان لظهوره ظهور النّداء ، وحثّه على ذلك كحثّ المنادى.
ونداء الصّلاة فى الشرع مخصوص بالألفاظ (٢) المشهورة المعروفة.
وأصل النداء من ندا القوم ندوا ، أى اجتمعوا ، لأنّ المنادى يطلب اجتماع القوم. وقيل : من النّدى وهو الرّطوبة ، لأنّ من يكثر رطوبة فمه يحسن صوته ، ولهذا يوصف الفصيح بكثرة الرّيق ، وذلك لتسمية المسبّب باسم سببه وقوله (٣) :
كالكرم إذ نادى من الكافور
أى ظهر ظهور صوت المنادى.
وعبّر عن المجالسة بالنّداء حتى قيل فى المجلس : النادى والنّدوة والمنتدى والنّدىّ ، وقيل ذلك للجليس أيضا ، قال الله تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ)(٤).
والمنديات / المخزيات لأنّها إذا ذكرت عرق المشار إليه ، وندى جبينه حياء ، قال الكميت :
وعادىّ حلم إذا المنديا |
|
ت أنسين أهل الوقار الوقارا (٥) |
__________________
(١) الآية ١٩٣ سورة آل عمران.
(٢) فى ا ، ب : الألفاظ ، والتصويب من المفردات.
(٣) العجاج ـ والمشطور فى اللسان (كفر ، ندا).
وكافور الكرم : الورق المغطى لما فى جوفه من العنقود ، شبهه بكافور الطلع لأنه ينفرج عما فيه أيضا.
(٤) الآية ١٧ سورة العلق.
(٥) البيت فى الأساس.