٣٥ ـ بصيرة فى نطق
النّطق فى العرف : الأصوات المقطّعة التى يظهرها اللسان وتعيها الآذان. ولا يكاد يقال إلّا للإنسان ، وأمّا لغيره فعلى التبعيّة ، كقولهم : مال صامت وناطق ، فإنّهم يريدون بالناطق ما له صوت ، وبالصّامت : ما لا صوت له. وقد نطق الرجل ينطق نطقا ومنطقا ، زاد ابن عبّاد نطوقا :
وقوله تعالى : (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ)(١) قال ابن عرفة : إنّما يقال لغير المخاطبين من الحيوان صوت ، والنّطق إنما يكون لمن عبّر عن معنى ، فلمّا فهّم الله سليمان صلوات الله عليه أصوات الطّير سمّاه منطقا لأنّه عبّر به عن معنى فهمه ، فهو بالنسبة إليه ناطق وإن كان صامتا ، وبالنّسبة إلى من لا يفهم عنه صامت وإن كان ناطقا. قال : فأمّا قول جرير :
* لقد نطق اليوم الحمام لتطربا (٢) *
فإن الحمام لا نطق له وإنّما هو صوت ، لكن استجاز الشاعر ذلك لأن عنده أنّ الحمام إنّما صوّت شوقا إلى ألّافه وبكى ، فكأنّه ناطق إذ (٣) عرف ما أراد.
والمنطقيّون يسمّون القوّة الّتى منها النطق نطقا ، وإيّاها عنوا حيث حدّوا الإنسان بالحىّ الناطق المائت ، فالنّطق لفظ مشترك عندهم بين القوّة الإنسانية (٤) التى [يكون بها (٥)] الكلام ، وبين الكلام
__________________
(١) الآية ١٦ سورة النمل.
(٢) الرواية فى قول جرير : لقد هتفت (ديوانه ـ ١٢ ط. الصادى) :
(٣) فى ا ، ب : إذا ، وما أثبت يقتضيه السياق.
(٤) فى ا ، ب : للإنسان ، وما أثبت عن المفردات.
(٥) فى ا ، ب : هى الكلام ، وما بين القوسين من المفردات.