٧ ـ بصيرة
فى ذكر يعقوب عليهالسلام
وكان اسمه إسرائيل ، وكلا الاسمين أعجمىّ غير منصرف للعجمة والعلمية ، هذا هو الّذى عليه الأكثرون. وتكلّف بعضهم فى القول باشتقاقهما ، فقال فى إسرائيل إسر بالسّريانية : الصّفىّ والخاصّة ، وإيل بلغتهم : الله ، فمعناه صفىّ الله وخاصّته. وقيل : أسرا معناه : الأسرة ، وإيل بمعنى الآل ، أى هو نبىّ وآله وأقاربه أنبياء. وقيل : أسر من الأسر ، وإيل اسم شيطان. وسمّى به لأنّه عليهالسلام كان خادما للمسجد الأقصى والمسجد الحرام على اختلاف القولين ، وكان يوقد فيه السّرج للعابدين والمصلّين ، وكان الشيطان المسمّى إيل مسلّطا عليها يأتيها ويطفئها ، فلمّا اطّلع على ذلك يعقوب ترصّد له وأسره وربطه إلى سارية حتى رآه الناس عيانا ، فقالوا أسر إيل أى أسر الشيطان ، فخفّفوه وقالوا أسر إيل. وأمّا يعقوب فإنّه سمّى به لأنه كان يعقب أوامر الله تعالى ونواهيه من كتابه فيعمل بها. وقيل : سمّى يعقوب لأنّه عاقب شيطانه المتقدّم ذكره. وقيل : لأنّه يعقبه / ذرّيّته. وقيل : لأنّه خرج من بطن أمّه متعلّقا بعقب أخيه عيصو ، وسمّى أخوه عيصو لأنّه عصى بالتّقدّم عليه. وفى بعض الآثار القدسيّة أنّ الله تعالى قال : لو علمت شيئا أبلغ فى علوّ درجة من الهمّ والحزن لابتليته. وأوحى الله إليه لمّا أكثر من البكاء على فراق يوسف ، يا يعقوب هذا بكاؤك على فراق الولد ، فكيف بكاؤك على فراق الواحد الأحد! وقيل لمّا قدم البشير على يعقوب يبشّره ببقاء يوسف ولقائه قال يعقوب : على أىّ دين تركته؟ قال على الإسلام. فقال : الآن تمّت النّعمة.
وكان يعقوب حفيد الخليل ، وولد الذّبيح ، ووالد الصدّيق ، ومقدّم الأسباط وشيخهم ، وجدّ أنبياء بنى إسرائيل ، وابن أخى إسماعيل ، ووارث جماله. واعتكف فى بيت الأحزان أربعين سنة ، وقيل : سبعين سنة. واستنشق ريح ثوب يوسف من مسافة ثمانين فرسخا.