٩ ـ بصيرة
فى ذكر إدريس عليهالسلام
واسمه بالسّريانية خنوخ ويقال أخنوخ ، ومعناه كثير العبادة ـ وأمّا إدريس فاسم أعجمىّ غير منصرف. وقيل : مشتق من الدّرس (١) والدّراسة بمعنى القراءة ، سمّى به لكثرة ما درس من كتب الله عزوجل ، فإنّه كان يحفظ صحف آدم وصحف شيث / على ظهر قلبه ، وكانت صحف آدم واحدا وخمسين صحيفة ، وصحف شيث عشرين ، وصحفه خاصّة ثلاثين ، وكان يحفظ الجميع ويدرّسه.
قال النّبىّ صلىاللهعليهوسلم : «ما اجتمع قوم فى مسجد من مساجد الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلّا نزلت عليهم السّكينة وغشيتهم الرّحمة ، وذكرهم الله فيمن عنده (٢)»
قال :
العلم أنفس علق أنت ذاخره |
|
من يدرس العلم لم تدرس مفاخره |
فاجهد لتعلم ما أصبحت تجهله |
|
فأوّل العلم إقبال وآخره |
وكان إدريس أوّل من خطّ ، وأوّل من خاط ، وأوّل من أخبر عن علم الهيئة والحساب وأحكام النّجوم وتأثير الكواكب بالتّأييد السّماوىّ والمدد الرّبّانىّ ، رفع الله عنه بدعائه إحساس حرارة الشمس ، وعبد الله حتّى تمنّت الملائكة المقربون صحبته.
ودعاه الله فى التّنزيل باثنى عشر اسما : السّاجد ، والباكى (خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا)(٣) مجتبى ومهدىّ (وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا)(٤) ، رفيع الشّأن علىّ المكان (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا)(٥). صالح (وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ)(٦) ، صابر (كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ)(٧) ، صدّيق ونبىّ
__________________
(١) اشتقاقه من الدرس فرع عربيته والأرجح أنه اسم أعجمى.
(٢) أخرجه أبو داود فى سننه عن أبى هريرة كما فى الفتح الكبير.
(٣) الآية ٥٨ سورة مريم
(٤) الآية ٥٨ سورة مريم.
(٥) الآية ٥٧ سورة مريم.
(٦) الآية ٧٢ سورة الأنبياء
(٧) الآية ٨٥ سورة الأنبياء.