متمما لمكارم الأخلاق ، فلا جرم يعرفونه عند التحوّل في جميع الصور إذا تابعوا نبيهم حق المتابعة ، وكانوا أوحديين محبوبين كنبيهم.
[٤٢] (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً (٤٢))
(يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالاحتجاب عن الحق (وَعَصَوُا الرَّسُولَ) بالاحتجاب عن الدين (لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ) أرض الاستعداد ، فتنطمس نفوسهم أو تصير ساذجة لا نقش فيها من العقائد الفاسدة والرذائل الموبقة (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) أي : لا يقدرون على كتم حديث من تلك النقوش حتى لا يتعذبون بعقابه.
[٤٣ ـ ٤٤] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (٤٣) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالإيمان العلميّ ، فإن المؤمن بالإيمان العيني لا يكون في صلاته غافلا (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) أي : لا تقربوا مقام الحضور والمناجاة مع الله في حال كونكم (سُكارى) من نوم الغفلة ، أو من خمور الهوى ومحبة الدنيا (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) في مناجاتكم ولا تشتغل قلوبكم بأشغال الدنيا ووساوسها فتذهلوا عنه ، ولا في حال كونكم بعداء عن الحق بشدّة الميل إلى النفس ومباشرة لذاتها وشهواتها وحظوظها والركون إليها (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) أي : مارّين عليها ، سالكي طريق من طرق تمتعاتها بقدر الضرورة والمصلحة كعبور طريق الاغتذاء بالمطعم والمشرب لسدّ الرمق وحفظ القوة ، والاكتساء لدفع الحرّ والبرد وستر العورة ، والمباشرة لحفظ النسل لا منجذبين إليها بالكلية بمجرّد الهوى فتنطبع فيكم فلا يمكن زوالها أو يتعذر (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) أي : تتطهروا عن تلك الهيئة الحاصلة من الانجذاب إلى الجهة السفلية بماء التوبة والاستغفار وعيون التنصل والاعتذار (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) القلوب ، فاقدي سلامتها بأمراض العقائد الفاسدة والرذائل المهلكة (أَوْ عَلى سَفَرٍ) في تيه الجهل والحيرة لطلب لذّة النفس ومادة الرجس بالحرص (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ) من الاشتغال بلوث المال وكسب الحطام ملوّثا بهيئة محبته وميله راسخة فيه تلك الهيئة (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) لازمتم النفوس وباشرتموها في لذاتها وشهواتها (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) علما يهديكم إلى التفصي منها ويهذبكم بالتطهّر عنها (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) فتوجهوا صعيد استعدادكم الطيب ،