(مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا) بالوقوف مع هوى النفس فما له يطلب أخسّ الأشياء ويقف في أدنى المراتب (فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ) الدارين جميعا ، بالفناء فيه لأنه الوجود المحيط بالكلّ فلا يفوته شيء (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً) بأحاديث نفوسكم (بَصِيراً) بنياتكم وإرادتكم بأعمالكم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالتوحيد العلميّ وإرادة ثواب الدارين (كُونُوا) ثابتين في مقام العدالة التي هي أشرف الفضائل (قَوَّامِينَ) بحقوقها بحيث تكون ملكة راسخة فيكم لا يمكن معها صدور جور وميل منكم في شيء ، ولا ظهور صفة نفس لاتباع هوى في جذب نفع دنيوي أو دفع مضرّة. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالإيمان التقليديّ (آمَنُوا) بالإيمان التحقيقيّ أو آمنوا بالإيمان العلمي ، أو آمنوا بالإيمان العينيّ.
[١٣٧ ـ ١٣٨] (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧) بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٣٨))
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) إلى آخره ، أي : تحيروا وتردّدوا بين جهتي الربوبية العلوية والسفلية لشدّة النفاق وغلبة نور الفطرة تارة واستيلاء ظلمة النفس والهوى أخرى ، لاستواء الحالتين فيهم حتى استحكمت الهيئات المظلمة وازدادت الحجب ورسخت العقائد الفاسدة والملكات الكاسدة باستيلاء صفات النفس واستعلائها مطلقا فرانت على قلوبهم (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) لمكان الرين الحاجب وفساد جوهر القلب وزوال الاستعداد (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) إلى الحق ولا إلى الكمال ولا إلى الفطرة الأصلية لعدم قبولهم الهداية وصرف عذابهم بالإيلام لمكان استعدادهم في الأصل.
[١٣٩ ـ ١٤٩] (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (١٣٩) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (١٤٠) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (١٤١) إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٤٢) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (١٤٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً (١٤٤) إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (١٤٥) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (١٤٦) ما يَفْعَلُ