اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً (١٤٧) لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً (١٤٨) إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (١٤٩))
(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ) لمناسبتهم إياهم في الاحتجاب (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) لعدم الجنسية (أَيَبْتَغُونَ) التعزز بهم في الدنيا والتقوّي بمالهم وجاههم فلا سبيل إلى ذلك ، وهم قد أخطئوا لأن العزة كلها صفة من صفات الله تعالى منيع القوى والقدر ، له قوة القهر والغلبة للكل فبقدر القرب منه وقبول نوره وقوّته والاتصاف بصفاته تحصل العزة فهي بأهل الإيمان أولى وأهل الحجاب والكفر بالزلة أولى (قامُوا كُسالى) لعدم شوقهم إلى الحضور ونفورهم عنه لظلمة استعدادهم باستيلاء الهوى (لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ) لئلا يتعدّى إليكم كفرهم واحتجابهم بالصحبة والمخالطة فإنه لا شيء أقوى تأثيرا من الصحبة والميل إلى ولايتهم لا يخلو عن جنسية بينهم لوجود هوى كامن فيهم وضراوة بعادة رديئة تشملهم لا يؤمن عليهم الوقوع في الكفر بغلبة الهوى والنفس.
(سُلْطاناً مُبِيناً) حجة ظاهرة في عقابكم برسوخ الهيئة التي بها تميلون إلى ولايتهم بصحبتهم ومجالستهم (فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ) باعتبار زيادة عذابه وشدّة إيلامه وإحراقه لا باعتبار كونه أدون مرتبة ، إذ تأثير النار في المنافق أشدّ وأكثر إيلاما لبقية استعداد فيه. وأمّا الكافر الأصلي البهيم فلعدم استعداده لا يتألم بعذابه كما يتألم المنافق وإن كان أسوأ حالا منه وأعظم عذابا وهوانا (نَصِيراً) ينصرهم من عذاب الله لانقطاع وصلتهم وارتفاع محبّتهم مع أهل الله (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) رجعوا إلى الله ببقية نور الاستعداد وقبول مدد التوفيق (وَأَصْلَحُوا) ما أفسدوا من استعدادهم بقمع الهوى وكسر صفات النفس ورفع حجب القوى بالزهد والرياضة (وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ) بالتمسك بحبل الإرادة وقوة العزيمة في التوجه إليه (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) بإفناء موانع السلوك من صفات النفس وإزالة خفاء الشرك وقطع النظر عن الغير في السير (فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) الموقنين (أَجْراً عَظِيماً) من مشاهدة تجليات الصفات وجنة الأفعال.
[١٥٠ ـ ١٥٨] (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١٥٠) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٥١) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٥٢) يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً