[٩٧ ـ ٩٨] (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨))
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) نجوم الحواس (لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ) برّ الأجساد إلى مصالح المعاش وبحر القلوب باكتساب العلوم بها (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) أي : الروح والقلب والحواس (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ذلك (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) هي النفس الكلية (فَمُسْتَقَرٌّ) في أرض البدن حال الظهور (وَمُسْتَوْدَعٌ) في عين جمع الذات حال الفناء. (قَدْ فَصَّلْنَا) آيات ظهور النفس واستقرارها واستيداعها (لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) بتنوّر قلوبهم وصفاء فهومهم.
[٩٩] (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٩٩))
(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ) من سماء الروح ماء العلم (فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ) كل صنف من الأخلاق والفضائل (فَأَخْرَجْنا) من النبات هيئة خضرة النفس وزينة حسنة جميلة وبهجة بالعلم والخلق (نُخْرِجُ) من تلك الهيئة والنفس الطرية الغضة أعمالا مترتبة شريفة مرضية ، ونيّات صادقة يتقوّى بها القلب ، ومن نخل العقل من ظهور تعلقها معارف وحقائق قريبة التناول لظهورها بنور الروح كأنها بديهية (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) الأحوال والأذواق وخصوصا أنواع المحبة القلبية المسكر عصيرها وسلافها ، وزيتون التفكّر ، ورمّان التوهمات الصادقة التي هي الهمم الشريفة ، والعزائم النفيسة (مُشْتَبِهاً) بعضها ببعض كالتعقلات والتفكرات والمعارف والحقائق والأعمال والنيّات وكمحبة الذات ومحبة الصفات (وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) كأنواع المحبة مع الأعمال مثلا ، أو مشتبها في رتبتها وقوتها وضعفها وجلائها وخفائها وغير متشابه فيه (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) وراعوه بالمراقبة عند السلوك وبدء الحال ، وليكن نظركم من اللذات إلى هذه الثمرات (وَيَنْعِهِ) وكماله عند الوصول بالحضور (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) بالإيمان العلميّ ، ويوقنون هذه الآيات والأحوال التي عدّدناها.
[١٠٠] (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠))
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ) أي : جعلوا جنّ الوهم والخيال شركاء لله في طاعتهم لها وانقيادهم. وقد علموا أنّ الله خلقهم فكيف يعبدون غيره (وَخَرَقُوا لَهُ) اختلقوا بالافتراء