لا يَسْمَعُونَ (١٠٠) تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ (١٠١) وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (١٠٢) ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣) وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٠٥) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦))
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) أي : اختفى في صور سماء الأرواح وأرض الأجساد في ستة آلاف سنة لقوله تعالى : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (١) أي : من لدن خلق آدم إلى زمان محمد عليهما الصلاة والسلام لأن الخلق هو اختفاء الحق في المظاهر الخلقية وهذه المدة من ابتداء دور الخفاء إلى ابتداء الظهور الذي هو زمان ختم النبوّة وظهور الولاية ، كما قال صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله فيه السموات والأرض» ، لأن ابتداء الخفاء بالخلق هو انتهاء الظهور ، فإذا انتهى الخفاء إلى الظهور عاد إلى أول الخلق كما مرّ ، ويتم الظهور بخروج المهدي عليهالسلام في تتمة سبعة أيام ولهذا قالوا : مدة الدنيا سبعة آلاف سنة. (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) أي : عرش القلب المحمدي بالتجلي التام فيه بجميع صفاته كما ذكر في معنى (ص) (يُغْشِي) ليل البدن وظلمة الطبيعة نهار نور الروح (يَطْلُبُهُ) بتهيئته واستعداده لقبوله باعتدال مزاجه سريعا ، وشمس الروح وقمر القلب ونجوم الحواس (مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) الذي هو الشأن المذكور في قوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٢). (أَلا لَهُ) الإيجاد بالقدرة والتصريف بالحكمة ، أو ألا له التكوين والإبداع. وإن حمل السموات والأرض على الظاهر فالأيام الستة هي الجهات الست ، إذ يعبر عن الحوادث بالأيام كقوله تعالى : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) (٣) أي : خلق عالم الأجسام في الجهات الست ثم استعلى متمكنا على العرش بالتأثير فيه بإثبات صور الكائنات عليه. وللعرش ظاهر وباطن ، فظاهره هو السماء التاسعة التي تنتقش فيها صور الكائنات بأسرها ويتبع وجودها وعدمها والمحو والإثبات فيها على ما سيأتي في تأويل قوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) (٤) إن شاء الله. وباطنه هو العقل الأول المرتسم بصور الأشياء على وجه كلّي ، المعبر عنه ببطنان العرش كما جاء : «نادى منادي من بطنان العرش» ، وهو محل القضاء
__________________
(١) سورة الحج ، الآية : ٤٧.
(٢) سورة الرحمن ، الآية : ٢٩.
(٣) سورة إبراهيم ، الآية : ٥.
(٤) سورة الرعد ، الآية : ٣٩.