السابق ، فالاستواء عليه قصد الاستعلاء عليه بالتأثير في إيجاد الأشياء بإثبات صورها عليه قصدا مستويا من غير أن يلوي إلى شيء غيره.
(هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) الناقة لصالح عليهالسلام كالعصا لموسى عليهالسلام والحمار لعيسى والبراق لمحمد عليهماالسلام ، فإنّ لكل أحد من الأنبياء وغيرهم مركبا هو نفسه الحيوانية الحاملة لحقيقته التي هي النفس الإنسانية وتنتسب بالصفة الغالبة إلى ما يتّصف بتلك الصفة من الحيوانات فيطلق عليه اسمه ، فمن كانت نفسه مطواعة منقادة من غاية اللين حمولة قوية متذللة فمركبه ناقة ونسبتها إلى الله لكونها مأمورة بأمره مختصة به في طاعته وقربه. وما قيل : إنّ الماء قسم بينها وبينهم ، لها شرب يوم ولهم شرب يوم ، إشارة إلى أنّ مشربهم من القوة العاقلة العملية ، ومشربها من العاقلة النظرية. وما روي أنها يوم شربها كانت تتفحج فيحلب منها اللبن حتى ملؤوا أوانيهم ، إشارة إلى أنّ نفسه تستخرج بالفكر من علومه الكلية الفطرية العلوم النافعة للناقصين من علوم الأخلاق والشرائع والآداب. وخروجها من الجبل : ظهورها من بدن صالح عليهالسلام. هذا هو التأويل مع أن الإقرار بظاهرها واجب ، فإن ظهور المعجزات وخوارق العادات حق لا ننكر شيئا منها. وما يؤيد التأويل تسوية النبي عليه الصلاة والسلام عاقرها بقاتل عليّ عليهالسلام ، حيث قال : «يا علي ، أتدري من أشقى الأوّلين؟» قال : الله ورسوله أعلم. قال صلىاللهعليهوسلم : «عاقر ناقة صالح» ، ثم قال صلىاللهعليهوسلم : «أتدري من أشقى الآخرين؟» ، قال : الله ورسوله أعلم. قال صلىاللهعليهوسلم : «قاتلك». وروي أنه قال صلىاللهعليهوسلم : «من خضب هذا بهذا» وأشار بيده إلى لحيته ورأسه.
[١٠٧ ـ ١٤١] (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (١٠٧) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ (١١٠) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢) وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (١١٣) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (١١٤) قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (١١٧) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٨) فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ (١١٩) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (١٢٠) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (١٢٢) قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (١٢٣) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (١٢٤) قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥) وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا