[٥٨] (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨))
(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ) أي : بتوفيقه للقبول في المقامات الثلاثة (وَبِرَحْمَتِهِ) بالمواهب الخلقية والعلمية والكشفية في المراتب الثلاث فليعتنوا وإن كانوا يفرحون (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) لا بالأمور الفانية القليلة المقدار ، الدنيئة القدر والوقع (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) من الخسائس الفاسدة والمحقرات الزائلة من جملة الحطام إن كانوا أصحاب دراية وفطنة وأرباب قدر وهمة.
[٥٩ ـ ٦١] (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٦٠) وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦١))
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ) إلى آخره ، أي : أخبروني ما أنزل الله من رزق معنوي كالحقائق والمعارف والأحوال والمواهب وكالآداب والشرائع والمواعظ والنصائح (فَجَعَلْتُمْ) بعضه (حَراماً) كالقسم الأول (وَ) بعضه (حَلالاً) كالقسم الثاني (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) في الحكم بالتحريم والتحليل (أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ) الوسطى بتجرّد القلب عن ملابس النفس وحصول اليقين أو يوم القيامة الكبرى بالتوحيد الذاتي وظهور العيان ، أي : لا يبقى ظنهم وليس شيئا حينئذ أو يوم القيامة الصغرى بالموت وحصول الحرمان أي : يكون ظنهم وبالا وعذابا حينئذ (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) بصنفي العلمين وإفاضتهما وتوفيق القبول لهما وتهيئة الاستعداد لقبولهما (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) نعمته فيستعملون ما وهب لهم من الاستعداد والعلوم في تحصيل المنافع الجزئية والمطالب الحسية ويكفرون نعمته فيمنعون عن الزيادة.
[٦٢] (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢))
(أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ) المستغرقين في عين الهوية الأحدية بفناء الإنية (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) إذ لم يبق منهم بقية خافوا بسببها من حرمان ولا غاية وراء ما بلغوا فيخافوا من حجبه (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) لامتناع فوات شيء من الكمالات واللذات منهم ، فيحزنوا عليه. وعن سعيد بن جبير : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل من هم؟ فقال : «هم الذين يذكر الله برؤيتهم». وهذا رمز لطيف منه عليهالسلام. وعن عمر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن من عباد الله عبادا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله»، قالوا : يا