سورة النمل
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] (طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ (١) هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) طس) أي : (تِلْكَ) الصفات العظيمة المذكورة في طسم التي أصلها الطهارة من صفات النفس وسلامة الاستعداد في الأصل عن النقص هي (آياتُ الْقُرْآنِ) أي : العقل القرآني وهو الاستعداد الحمدي الجامع لجميع الكمالات باطنا فإذا ظهرت وبرزت إلى الفعل في القيامة الكبرى كانت فرقانا ، وقوله : (هُدىً وَبُشْرى) قائم مقام (م) في طسم لأنالهداية إلى الحق والبشارة بالوصول لا يكونان إلا بعد الكمال العلمي ، إذ الهداية للغير التي هي التكميل ملزومة العلم الذي هو الكمال ، فيحصل الاكتفاء بها عنه وهما حالان معمولان لتلك المشار بها إلى الصفات المذكورة في (طسم) كما ذكر ، أي : هاديا ومبشّرا للمؤمنين ، أي : الموقنين بعلم التوحيد.
[٣ ـ ٥] (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٥))
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ) صلاة الحضور والمراقبة (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) عن صفات النفوس ، أي : يزكون بالتجريد والمجاهدة (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) أي : مقام المشاهدة (يُوقِنُونَ) يعني في حال المكاشفة يوقنون بالمعاينة والرسول يهديهم إليها ويبشّرهم بجنة الذات والفوز الأعظم (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) من المحجوبين بتزين نفوسهم بكمالاتها وهيئات أعمالها (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) يعمون بصائرهم عن إدراك صفات الحق وتجليات أنوارها وإلا لم يحجبوا بصفاتهم وأفعالهم بل فنوا عنها.
(أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ) بنيران الحجاب والحرمان عن لذات تجليات الصفات (وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) ومقام كشف الذات في القيامة الكبرى (هُمُ الْأَخْسَرُونَ) لتكاثف حجابهم بصفاتهم وذواتهم فلا خلاق لهم من الجنتين ولذاتهما.
[٦ ـ ٧] (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦) إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧))