سورة الروم
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٣] (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) الم غُلِبَتِ الرُّومُ) الذات الأحدية مع صفتي العلم والمبدئية كما ذكر ، اقتضت أن روم القوى الروحانية تكون مغلوبة في أقرب موضع من أرض النفس الذي هو الصدر ، لأن فيض المبدأ يوجب إظهار الخلق واحتجاب الحق به ، فكل ما كان أقرب إلى الحق كان مغلوبا بالذي هو أقرب إلى الخلق وذلك حكم الاسم المبدئ في مظهر النشأة وتجليه تعالى به وباسمه الظاهر واسمه الخالق ، وفي الجملة : بما في حضرته المبدئية من الأسماء (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ) كونهم مغلوبين (سَيَغْلِبُونَ) على فارس القوى النفسانية الأعجمية المحجوبة بالرجوع إلى الله ، وظهور الغلب.
[٤ ـ ٥] (فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥))
(فِي بِضْعِ سِنِينَ) من الأطوار التي يكون فيها الترقي إلى الكمال وأوقات الحضور والمقامات والتجليات.
(لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ) بحكم اسمه المبدئ (وَمِنْ بَعْدُ) بحكم اسمه المعيد ، يدبّر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه (وَيَوْمَئِذٍ) أي : يوم غلبة روم الروحانيات على النفسانيات (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ) وتأييده من الملكوت السماوية وإمدادهم بالأمداد القدسية (يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ) من أهل عنايته المستعدّين بها (وَهُوَ الْعَزِيزُ) القويّ الغالب على قهر الفارسيين المحجوبين (الرَّحِيمُ) بإفاضة الأمداد الكمالية والأنوار التأييدية القدسية على الروميين الغالبين.
[٦] (وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦))
(وَعْدَ اللهِ) في تكميل المستعدّين من أهل عنايته (لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) لاحتجابهم يحسبون أن هذه الغلبة بقوّتهم وكسبهم ، وأنه قد يمكن أنه لا يبلغ المعني به السعي إلى الكمال لعدم السعي ولا يعرفون أن ذلك المستعدّ أيضا من توفيقه