سورة الأحزاب
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٥] (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣) ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥))
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) بالفناء عن ذاتك بالكلية دون بقاء البقية (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) بموافقتهم في بعض الحجب لظهور الأنانية (وَالْمُنافِقِينَ) بالنظر إلى الغير فتكون ذا وجهين وبالانتهاء بحكم هذا النهي وصف بقوله : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧)) (١) ، (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) يعلم ذنوب الأحوال (حَكِيماً) في ابتلائك بالتلوينات فإنها تنفع في الدعوة وإصلاح أمر الأمة إذ لو لم يكن له تلوين لم يعرف ذلك من أمّته فلا يمكنه القيام بهدايتهم (وَاتَّبِعْ) في ظهور التلوينات (ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) من التأديبات وأنواع العتاب والتشديدات بحسب المقامات كما ذكر غير مرة في قوله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) (٢) وأمثاله (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) يعلم مصادر الأعمال وأنها من ـ أي الصفات ـ تصدر من الصفات النفسانية أو الشيطانية أو الرحمانية فيهديك إليها ويزكيك منها ويعلمك سبيل التزكية والحكمة في ذلك (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) في دفع تلك التلوينات ورفع تلك الحجب والغشاوات (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) فإنها لا ترتفع ولا تنكشف إلا بيده لا بنفسك وعلمك وفعلك ، أي : لا تحتجب برؤية الفناء في الفناء فإنه ليس من فعلك سواء كان في الأفعال أو الصفات أو الذات أو إزالة التلوينات فإنها كلها بفعل الله لا مدخل لك فيها وإلا لما كنت فانيا.
[٦] (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٦))
__________________
(١) سورة النجم ، الآية : ١٧.
(٢) سورة الإسراء ، الآية : ٧٤.