ونتيجة العناية الأولى المستفادة من قوله : (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (١) ، فإذا أحبه قبل الظهور في مكمن الغيب بمحبة الاجتباء ألزمه حبّه لله عند البروز وحرّكه إلى الوفاء بالعهد السابق فتجدّد ذلك العهد بالعقد اللاحق الذي هو العهد مع الله بالوفاء بذلك في متابعة الحبيب المطلق كما قال : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١)) (٢). وإن صحت المتابعة في الأعمال والأحوال أحبه الله بمحبة الاصطفاء فوق المحبة التي هي ثمرة المحبة الأولى لكون الأولى عينية كامنة ولكونها كمالية بارزة وقعت محبته في قلوب الخلق وظهر له القبول عند أهل الإيمان الفطري. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أحبّ الله عبدا يقول الله تعالى : يا جبريل قد أحببت فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، ثم ينادى في أهل السماء : أن الله تعالى قد أحبّ فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يضع له المحبة في الأرض». وعن قتادة : ما أقبل عبد إلى الله إلا أقبل الله بقلوب العباد إليه. وهذا معنى قوله : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا)
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٥٤.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٣١.