سورة يس
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] (يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) يس) أقسم بالصنفين الدالين على كمال استعداده كما ذكر في (طه). (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) الذي هو الكمال التامّ اللائق باستعداده على أنه بسبب هذه الأمور من المرسلين على طريق التوحيد الموصوف بالاستقامة وذلك أن (ي) إشارة إلى اسمه الواقي و (س) إلى اسمه السلام الذي وقى سلامة فطرتك السالمة عن النقص في الأزل عن آفات حجب النشأة والعادة والسلام الذي هو عينها وأصلها ، والقرآن الحكيم الذي هو صورة كمالها الجامع لجميع الكمالات المشتمل على جميع الحكم.
[٣ ـ ٥] (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥))
(إِنَّكَ) بسبب هذه الثلاثة (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) أي : القرآن الشامل للحكمة الذي هو صورة كمال استعدادك تنزيل بإظهاره مفصلا من مكمن الجمع على مظهرك ليكون فرقانا من العزيز الغالب الذي غلب على أنائيتك وصفات نشأتك وقهرها بقوّته لئلا تظهر وتمنع ظهور القرآن المكنون في غيبك على مظهر قلبك وصيرورته فرقانا. الرحيم الذي أظهره عليك بتجليات صفاته الكمالية بأسرها.
[٦] (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦))
(لِتُنْذِرَ قَوْماً) بلغوا في كمال استعدادهم ما لم يبلغ آباؤهم فما أنذروا بما أنذرتهم به (فَهُمْ غافِلُونَ) عما أوتي إليهم من الاستعداد البالغ حدّا لم يبلغه استعداد أحد من الأمم السابقة ، كما قال : (الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) (١).
[٧] (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٧))
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ) في القضاء السابق بأنهم أشقياء (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) لأنه إذا قويت الاستعدادات عند ظهورك قوي الأشقياء في الشرّ كما قوي السعداء في الخير.
[٨] (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨))
__________________
(١) سورة فاطر ، الآية : ٣٢.