سورة ص
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ١٧] (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣) وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦) ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (١٥) وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (١٦) اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧))
(ص) أقسم بالصورة المحمدية ، والكمال التامّ المذكور بالشرف والشهرة ، بأنه أتمّ الكمالات ، وهو العقل القرآني الجامع لجميع الحكم والحقائق من الاستعداد التامّ المناسب لتلك الصورة الشريفة ، كما روي عن ابن عباس : «(ص) جبل بمكة ، كان عليه عرش الرحمن عاما» ، دلّ عليه قوله : (فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) وحذف جواب القسم في مثل ذلك غير عزيز ، وهو أنه لحق يجب أن يتّبع ويذعن له ويقبل بخضوع وذلّة (بَلِ الَّذِينَ) حجبوا عن الحق بأنانيتهم وضادّوه في استكبار وعناد ولجّ وخلاف لظهور أنفسهم بباطلها في مقابلة الحق ، وقوله : (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) معناه : داوم استقامتك في التوحيد ، وعارض أذاهم بالصبر في التمكين ، ولا تظهر نفسك في مقابلة أذاهم بالتلوين ، فإنك قائم بالله متحقق بالحق فلا تتحرك إلا به (وَاذْكُرْ) حال أخيك (عَبْدَنا) المخصوص بعنايتنا القديمة (داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) أي : القوّة والتمكين والاضطلاع في الدين ، كيف زلّ عن مقام استقامته في التلوين فلا يكن حالك في ظهور النفس حاله. ثم وصف قوّة حال داود عليهالسلام وكماله بقوله : (إِنَّهُ أَوَّابٌ) رجّاع إلى الحق عن صفاته وأفعاله بالفناء فيه.
[١٨ ـ ١٩] (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩))