وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٣١) وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٥) فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦))
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) استثناء منقطع وفي القربى متعلق بمقدر أي : المودة الكائنة في القربى. ومعناه : نفي الأجر أصلا لأن ثمرة مودّة أهل قرابته عائدة إليهم لكونها سبب نجاتهم ، إذ المودة تقتضي المناسبة الروحانية المستلزمة لاجتماعهم في الحشر ، كماقال عليه الصلاة والسلام : «المرء يحشر مع من أحبّ» فلا تصلح أن تكون أجرا له ولا يمكن من تكدّرت روحه وبعدت عنهم مرتبته محبتهم بالحقيقة ، ولا يمكن من تنوّرت روحه وعرف الله وأحبه من أهل التوحيد أن لا يحبهم لكونهم أهل بيت النبوّة ومعادن الولاية والفتوة محبوبين في العناية الأولى ، مربوبين للمحل الأعلى فلا يحبهم إلا من يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، ولو لم يكونوا محبوبين من الله في البداية لما أحبّهم رسول الله إذ محبته عين محبته تعالى في صورة التفصيل بعد كونه في عين الجمع وهم الأربعة المذكورون في الحديث الآتي بعد ، ألا ترى أن له أولادا آخرين وذوي قرابات في مراتبهم كثيرين لم يذكرهم ولم يحرض الأمّة على محبتهم تحريضهم على محبة هؤلاء وخص هؤلاء بالذكر.
روي أنها لما نزلت قيل : يا رسول الله! من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟قال : «عليّ وفاطمة والحسن والحسين وأبناؤهما». ثم لما كانت القرابة تقتضي المناسبة المزاجية المقتضية للجنسية الروحانية كان أولادهم السالكون لسبيلهم ، التابعون لهديهم في حكمهم ، ولهذا حرّض على الإحسان إليهم ومحبتهم مطلقا ونهى عن ظلمهم وإيذائهم ووعد على الأول ونهى عن الثاني. قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «حرّمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ومن اصطنع ضيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقيني يوم القيامة». وقال عليهالسلام : «من مات على حبّ آل محمد مات مغفورا له ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات شهيدا مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حب آل محمد بشّره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ، ألا ومن مات على حب محمد وآل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حب آل محمد